التفاسير

< >
عرض

إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ
١٥
يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ
١٦
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ
١٧
أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
١٨
وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
١٩
-الدخان

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالى: { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ }جوابٌ من جهتهِ تعالى عن قولِهم رَّبنا اكشفْ عنَّا العذابَ إنَّا مؤمنونَ بطريق الالتفات لمزيد التوبـيخ والتهديد وما بـينهما اعتراضٌ أيْ إنا نكشفُ العذابَ المعهودَ عنكم كشفاً قليلاً أو زماناً قليلاً إنكم تعودون إثرَ ذلك إلى ما كنتم عليه من العُتوِّ والإصرارِ على الكفر وتنسَون هذه الحالَة. وصيغةُ الفاعلِ في الفعلين للدِلالة على تحقُّقهما لا محالةَ، ولقد وقعَ كلاهُما حيثُ كشَفهُ الله تعالى بدعاءِ النبـيِّ صلى الله عليه وسلم فمَا لبِثُوا أنْ عادُوا إلى ما كانوا عليهِ من العُتوِّ والعِنادِ. ومَن فسر الدخانٍ بما هُو من الأشراطِ قال إذَا جاء الدخانُ تضوّرَ المعذبونَ به من الكفارِ والمنافقينِ وغوَّثُوا وقالُوا ربَّنا اكشفْ عنَّا العذابَ إنَّا مؤمنونَ فيكشفه الله تعالَى عنهُم بعدَ أربعينَ يوماً وريثما يكشفُه عنهم يرتدونَ ولا يتمهلونَ.

{ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } يومَ القيامةِ وقيل: يومَ بدرٍ وهو ظرفٌ لما دلَّ عليه قولُه تعالى { إِنَّا مُنتَقِمُونَ } لا لمنتقمون لأن إنَّ مانعةٌ من ذلكَ أي يومئذٍ ننتقمُ إنَّا منتقمون وقيلَ: هو بدلٌ من بدلٍ منْ يومَ تأتِي الخ وقُرىءَ نُبطش أي نحملُ الملائكةَ على أن يبطشُوا بهم البطشةَ الكُبرى وهو التناولُ بعنفٍ وصَولةٍ أو نجعل البطشةَ الكُبرى باطشةً بهم وقُرِىءَ نبطُش بضمِّ الطاءِ وهي لغةٌ. { ولقد فتنَّا قبلهم قومَ فرعونَ } أي امتحناهُم بإرسالِ مُوسى عليه السلامُ أو أوقعناهُم في الفتنةِ بالإمهالِ وتوسيعِ الرزقِ عليهم وقُرِىءَ بالتشديدِ، للمبالغة أو لكثرة القوم. أي امتحناهُم بإرسالِ مُوسى عليه السلامُ أو أوقعناهُم في الفتنةِ بالإمهالِ وتوسيعِ الرزقِ عليهم وقُرِىءَ بالتشديدِ، للمبالغة أو لكثرة القوم. { وَجَاءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } على الله تعالى أو على المؤمنين أو في نفسه لأن الله تعالى لم يبعثْ نبـياً إلا منْ سَراةِ قومِه وكرامِهم. { أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } أيْ بأنْ أدُّوا إليَّ بني إسرائيلَ وأرسلُوهم معي أو بأنْ أَدُّوا إليَّ يا عبادَ الله حقَّه من الإيمانِ وقبولِ الدَّعوةِ، وقيلَ: أنْ مفسرةٌ، لأنَّ مجيءَ الرسولِ لا يكونُ إلا برسالةٍ ودعوةٍ، وقيل: مخففةٌ من الثقيلةِ أيْ جاءَهُم بأنَّ الشأنَ أدُّوا إلى إلخ. وقولُه تعالى: { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } تعليلٌ للأمر أو لوجوب المأمورِ به أيْ رسولٌ غيرُ ظَنِينٍ قد ائتمننى الله تعالى على وحيه وصدَّقنِي بالمعجزاتِ القاهرةِ. { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } أي لا تتكبرُوا عليه تعالى بالاستهانة بوحيهِ وبرسوله وأنْ كالتي سلفتْ، وقولُه تعالى: { إِنِّىِ ءَاتِيكُم } أي من جهته تعالى { بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } تعليلٌ للنَّهي أيْ آتيكُم بحجةٍ واضحةٍ لا سبـيلَ إلى إنكارها وآتيكم على صيغةِ الفاعلِ أو المضارعِ، وفي إيراد الأداءِ معَ الأمين، والسلطانِ مع العُلاَ منَ الجزالةِ مَا لا يَخْفى.