التفاسير

< >
عرض

فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
٢٧
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٢٨
أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ
٢٩
-محمد

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

والفاءُ في قولِه تعالى: { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } لترتيبِ ما بعدها على ما قبلَها. وكيفَ منصوبٌ بفعلٍ محذوفٍ هو العاملُ في الظرفِ كأنَّه قيلَ يفعلون في حياتِهم ما يفعلون من الحيلِ، فكيفَ يفعلونَ إذا توفَّتُهم الملائكةُ، وقيلَ مرفوعٌ على أنه خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ أي فكيفَ حالُهم أو حياتُهم إذا توفَّتُهم الخ. وقُرِىءَ توفَّاهُم على أنَّه إما ماضٍ أو مضارعٌ قد حُذفَ إحدى تاءيهِ. { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ } حالٌ من فاعلِ توفَّتهم أو من مفعولِه، وهو تصويرٌ لتوفّيهم على أهولِ الوجوهِ وأفظعها. وعن ابن عباسٍ رضي الله عنَهُمَا لا يُتوفَّى أحدٌ على معصيةٍ إلا يضربُ الملائكةُ وجهَهُ ودبُره. { ذٰلِكَ } التَّوفِّي الهائلُ { بِأَنَّهُمْ } أي بسببِ أنَّهم { ٱتَّبَعُواْ مَا أَسْخَطَ ٱللَّهَ } من الكفرِ والمعاصِي { وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ } أي ما يرضاهُ من الإيمانِ والطاعةِ حيث كفُروا بعد الإيمانِ وخرجُوا عن الطاعةِ بما صنعُوا من المعاملةِ مع اليهودِ { فَأَحْبَطَ } لأجلِ ذلكَ { أَعْمَـٰلَهُمْ } التي عملوها حالَ إيمانِهم من الطاعاتِ أو بعد ذلك من أعمال البرِّ التي لو عملُوها حالَ الإيمانِ لا نتفعُوا بها.

{ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } هم المنافقون الذين فُصِّلتْ أحوالُهم الشنيعةُ، وُصفُوا بوصفِهم السابقِ لكونِه مداراً لِما نُعِيَ عليهم بقولِه تعالى: { أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَـٰنَهُمْ } فأمْ منقطعةٌ وأنْ مخففةٌ من أنَّ وضميرُ الشأنِ الذي هو اسمُها محذوفٌ ولنْ بما في حيزِها خبرُها. والأضغانُ جمعُ ضَغنِ وهو الحقدُ، أي بل أحسبَ الذين في قلوبِهم حقدٌ وعداوةٌ للمؤمنين أنه لنْ يخرجَ الله أحقادَهم ولن يُبرزَها لرسولِه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنينَ فتبقى أمورُهم مستورةً والمعنى أنَّ ذلك مما لا يكادُ يدخلُ تحتَ الاحتمالِ.