التفاسير

< >
عرض

وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
١٩
وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٢٠
وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً
٢١
-الفتح

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } أي مغانمَ خيبرَ. والالتفاتُ إلى الخطابِ على قراءةِ الأعمشِ وطلحةَ ونافعٍ لتشريفِهم في مقامِ الامتنانِ. { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً } غالباً { حَكِيماً } مراعياً لمقتضَى الحكمةِ في أحكامِه وقضاياهُ.

{ وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً } هي ما يُفيؤُه على المؤمنينَ إلى يومِ القيامةِ. { تَأْخُذُونَهَا } في أوقاتِها المقدرةِ لكلِّ واحدةٍ منها. { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } أي غنائمَ خيبرَ { وَكَفَّ أَيْدِىَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } أي أيدِي أهلِ خيبرَ وحلفائِهم من بني أسدٍ وغطفانَ حيثُ جاءُوا لنُصرتِهم فقذفَ الله في قلوبِهم الرعبَ فنكصُوا وقيلَ: أيدِيَ أهلِ مكةَ بالصلحِ { وَلِتَكُونَ ءايَةً لّلْمُؤْمِنِينَ } أمارةً يعرِفونَ بها صدقَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم في وعدِه إيَّاهُم عندَ رجوعِه من الحديبـيةِ ما ذُكِرَ من المغانمِ وفتحِ مكةَ ودخولِ المسجدِ الحرامِ. واللامُ متعلقةٌ إمَّا بمحذوفٍ مؤخرٍ أي ولتكونَ آيةً لهم فعلُ ما فُعلَ من التعجيلِ والكفِّ أو بَما تعلقَ به علةٌ أخرى محذوفةٌ من أحدِ الفعلينِ أي فعّجل لكم هذه أو كفَّ أيديَ الناسِ لتغتنمُوها ولتكونَ الخ فالواوُ على الأولِ اعتراضيةٌ وعلى الثانِي عاطفةٌ { وَيَهْدِيَكُمْ } بتلك الآيةِ { صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } هو الثقةُ بفضلِ الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تذرزن. { وَأُخْرَىٰ } عطف على هذه أي فعجِلَ لكم هذه المغانمَ ومغانمَ أُخرى { لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } وهي مغانمُ هوازنَ في غزوةِ حُنينٍ ووصفُها بعدمِ القدرةِ عليها لما كانَ فيها من الجولةِ قبل ذلكَ لزيادةِ ترغيبِهم فيها وقولُه تعالى: { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } صفةٌ أُخرى لأُخرى مفيدةٌ لسهولةِ تأتِّيها بالنسبةِ إلى قُدرتِه تعالى بعد بـيانِ صعوبةِ منالها بالنظرِ إلى قدرتِهم أي قدَر الله عليها واستولَى وأظهركُم عليها وقيل: حفظَها لكُم ومنعها من غيرِكم هذا وقد قيلَ: إنَّ أُخرى منصوبٌ بمضمرٍ يُفسرِه قد أحاطَ الله بَها أي وقضى الله أُخرى ولا ريبَ في أن الإخبارَ بقضاءِ الله إيَّاها بعد اندراجِها في جُملةِ المغانمِ الموعودةِ بقولِه تعالى: { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } [سورة الفتح، الآية 20] ليس فيه مزيدُ فائدةٍ وإنما الفائدةُ في بـيانِ تعجيلِها. { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيراً } لأن قدرتَهُ تعالى ذاتيةٌ لا تختصُّ بشيءٍ دونَ شيءٍ.