التفاسير

< >
عرض

يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
١٦
-المائدة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ } توحيد الضمير المجرور لاتحاد المرجِع بالذات أو لكونهما في حكم الواحد أو أريد يهدي بما ذُكر، وتقديم الجار والمجرور للاهتمام، وإظهارُ الجلالة لإظهار كمال الاعتناء بأمر الهداية، ومحل الجملة الرفع على أنها صفة ثانية لكتاب، أو النصبُ على الحالية منه لتخصصه بالصفة { مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ } أي رضاه بالإيمان به، و(مَنْ) موصولةٌ أو موصوفة { سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ } أي طرق السلامة من العذاب والنجاة من العقاب، أو سبل الله تعالى وهي شريعتُه التي شرعها للناس، قيل: هو مفعول ثان (ليهدي)، والحقُّ أن انتصابه بنزع الخافض على طريقة قوله تعالى: { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [الأعراف، الآية: 155] وإنما يُعدَّى إلى الثاني بإلى أو باللام كما في قوله تعالى: { { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء، الآية: 9] { وَيُخْرِجُهُمْ } الضمير لمن، والجمع باعتبار المعنى كما أن الإفراد في (اتبع) باعتبار اللفظ { مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ } أي ظلمات فنون الكفر والضلال { إِلَى ٱلنُّورِ } إلى الإيمان { بِإِذْنِهِ } بتيسيره أو بإرادته { وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } هو أقرب الطرق إلى الله تعالى، ومؤدٍّ إليه لا محالة، وهذه الهداية عينُ الهداية إلى سبل السلام، وإنما عُطفت عليها تنزيلاً للتغاير الوَصْفيِّ منزلة التغايُر الذاتي كما في قوله تعالى: { { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [هود، الآية: 58].