التفاسير

< >
عرض

وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً
١
فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً
٢
فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً
٣
فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً
٤
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ
٥
وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ
٦
-الذاريات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مكية، وآيُها ستون

{ وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً } أيِ الرياحِ التي تذرُو الترابَ وغيره وقرىء بإدغام التاء في الذال { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } أيِ السحبِ الحاملةِ للمطرِ أو الرياحِ الحاملةِ للسحابِ وقُرِىءَ وَقْرا عَلى تسميةِ المحمولِ بالمصدرِ { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } أيِ السفن الجاريةِ في البحرِ أو الرياحِ الجاريةِ في مهابِّها أوِ السحبِ الجاريةِ في الجوِّ بسوقِ الرياحِ أوِ الكواكبِ الجاريةِ فِي مجارِيها ومنازِلِها ويُسْراً صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ أيْ جرياً ذَا يُسْرٍ { فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } أي الملائكةِ الَّتيِ تقسّمُ الأمورَ منَ الأمطارِ والأرزاقِ وغيرِها أو السحبِ التَّي يقسمُ الله تعالَى بَها أرزاقَ العبادِ وَقَدْ جُوِّزَ أنْ يرادَ بالكُلِّ الرياحُ تنزيلاً لاختلافِ العنوانِ منزلةِ اختلافِ الذاتِ فإنَّها كما تذرُو ما تذرُوه تثيرُ السحابَ وتحملُه وتجْري في الجوِّ جرياً سهلاً وتقسمُ الأمطارَ بتصريفِ السحابِ في الأقطارِ، فإنْ حُملت الأمورُ المقسمُ بها على ذواتٍ مختلفةٍ فالفاءُ لترتيبِ الإقسامِ باعتبارِ ما بـينها من التفاوت في الدلالة على كمالِ القدرةِ وإلاَّ فهيَ لترتيبِ ما صدرَ عن الريحِ مِنَ الأفاعليلِ فإنَّها تذْرو الأبخرةَ إلى الجوِّ حتَّى تنعقدَ سحاباً فتجريَ بهِ باسطةً لهُ إلى ما أمرتْ بهِ فتقسمُ المطرَ وقولُه تعالى: { إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ وَإِنَّ ٱلدّينَ لَوَاقِعٌ } جوابٌ للقسمِ، وفي تخصيصِ الأمورِ المذكورةِ بالإقسامِ بَها رمزٌ إلى شهادتِها بتحققِ مضمونِ الجملةِ المقسمِ عليهَا منْ حيثُ إنَّها أمورٌ بديعةٌ مخالفةٌ لمقتضَى الطبـيعةِ فمَنْ قدرَ عَلَيها فهُو قادرٌ عَلى البعثِ الموعودِ، ومَا مَوْصُولةٌ أوْ مَصدريةٌ ووصفُ الوعدِ بالصدقِ كوصفِ العيشةِ بالرِّضَا وَالدِّينُ الجزاءُ ووقوعُه حصولُه.