التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً
٩
وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً
١٠
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١١
ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ
١٢
يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا
١٣
هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
١٤
أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ
١٥
ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٦
-الطور

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالَى: { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَاء مَوْراً } ظرفٌ لواقعٌ مبـينٌ لكيفيةِ الوقوعِ منبىءٌ عنْ كمالِ هولِه وفظاعتِه، والمَوْرُ الاضطرابُ والترددُ في المجيءِ والذهابِ وقيلَ هُو تحركٌ في تموجٍ قيلَ تدورُ السماءُ كما تدورُ الرَّحَا وتتكّفأُ بأهلِها تكفؤَ السفينةِ وقيلَ تختلفُ أجزاؤُها { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } أيْ تزولُ عن وَجْه الأرضِ فتصيرُ هباءً، وتأكيدُ الفعلينِ بمصدريِهما للإيذانِ بغرابتهِما وخروجهِما عنِ الحدودِ المعهودةِ أيْ موراً عجيباً وسيراً بديعاً لا يُدركُ كُنْهُهما.

{ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } أيْ إذَا وقعَ ذلكَ أوْ إذَا كانَ الأمرُ كَما ذكرَ فويلٌ يومَ إذْ يقعُ ذلكَ لَهُم { ٱلَّذِينَ هُمْ فِى خَوْضٍ } أي اندفاعِ عجيبٍ في الأباطيلِ والأكاذيبِ { يَلْعَبُونَ } يلهوُن { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } أيْ يدفعونَ إليَها دفعاً عنيفاً شديداً بأَنْ تغلَّ أيديهمْ إلى أعناقِهم وتجمعَ نواصيهِم إلى أقدامِهم فيدُفعُوا إِلى النارِ وَقُرِىءَ يُدْعَوْنَ منَ الدُّعاءِ فيكونُ دعَّا حالاً بمَعْنى مدعوعينَ. ويومَ إمَّا بدلٌ منْ يومَ تمورُ أَوْ ظرفٌ لقولٍ مقدرٍ قبلَ قولِه تعالَى: { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } أيْ يُقالُ لَهُم ذلكَ ومَعنْى التكذيبِ بَها تكذيبُهم بالوحِي الناطقِ بَها وقولُه تعالَى: { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } توبـيخٌ وتقريعٌ لَهُم حيثُ كانُوا يسمُّونَهُ سِحْراً كأنَّه قيلَ كُنتم تقولونَ للقرآنِ الناطقِ بهذا سحرٌ فهَذا أَيْضاً سحرٌ. وتقديمُ الخبرِ لأنَّه محطُّ الإنكارِ ومدارُ التوبـيخِ { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } أيْ أَمْ أنتُم عُمْيٌ عنِ المُخبَر عَنْه كما كُنتم عمياً عن الخبرِ، أو أمْ سُدَّتْ أبصارُكم كما سُدَّتْ في الدُّنيا على زعمكِم حيثُ كُنْتم تقولونَ { { إنَّما سكّرتْ أبصارُنَا بَلْ نحنُ قومٌ مسحورونَ } [سورة الحجر، الآية 15] { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُواْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ } أي ادْخلُوهَا وقاسُوا شدائدَهَا فافعلُوا ما شئِتُم منَ الصَّبرِ وعدمِه { سَوَاء عَلَيْكُمْ } أي الأمرانِ في عدمِ النفعِ لاَ بدفعِ العذابِ ولا بتخفيفهِ وقولُه تعالَى: { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تعليلٌ للاستواءِ فإنَّ الجزاءَ حيثُ كانَ واجبَ الوقوعِ حتماً كان الصبرُ وعدمُه سواءً في عَدمِ النَّفعِ.