التفاسير

< >
عرض

وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ
٢٢
يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ
٢٣
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ
٢٤
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ
٢٥
-الطور

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَأَمْدَدْنَـٰهُم بِفَـٰكِهَةٍ وَلَحْمٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ } وزدناهُم عَلى ما كانَ لَهُم منْ مبادِي التنعمِ وقتاً فوقتاً ما يشتهونَ من فنونِ النعماءِ وألوانِ الآلاءِ { يَتَنَـٰزَعُونَ فِيهَا } أي يتعاطَون فيها هُم وجلساؤُهم بكمالِ رغبةٍ واشتياقٍ كما ينبىءُ عنه التعبـيرُ عن ذلكَ بالتنازع { كَأْساً } أي خمراً تسميةً لَها باسمِ محلِّها { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا } أيْ في شُربها حيثُ لا يتكلمونَ في أثناءِ الشربِ بلغوِ الحديثِ وسقَطِ الكلامِ { وَلاَ تَأْثِيمٌ } ولا يفعلونَ ما يؤثمُ به فاعلُه أي ينسبُ إلى الإثمِ لو فعَلُه في دارِ التكليفِ كما هو ديدنُ المنادمينَ في الدُّنيا وإنما يتكلمونَ بالحِكمِ وأحاسنِ الكلامِ ويفعلونَ ما يفعلُه الكرامُ، وقرىءَ لا لغوَ فيها ولا تأثيمَ بالفتح { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ } أي بالكأسِ { غِلْمَانٌ لَّهُمْ } أي مماليكُ مخصوصونَ بهم وقيلَ: هم أولادُهم الذين سبقوهُم { كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } مصونٌ في الصَّدفِ من بـياضِهم وصفائِهم أو مخزونٌ لأنه لا يخزنُ إلا الثمينُ الغالِي القيمةِ. قيلَ لقَتَادة: هذا الخادمُ فكيفَ المخدومُ؟ فقالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بـيدهِ إنَّ فضلَ المخدومِ على الخادمِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ" . وعنه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "إنْ أدنى أهلِ الجنةِ منزلةً منْ يُنادي الخادمَ من خدامِه فيجيبُهُ ألفٌ ببابِه لبـيكَ لبـيكَ" { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } أيْ يسألُ كلُّ بعضٍ منهم بعضاً آخرَ عنْ أحوالِه وأعمالِه فيكونُ كلُّ بعضٍ سائلاً ومسؤولاً لا أنه يسألُ بعضٌ معينٌ منهم بعضاً آخرَ معيناً.