التفاسير

< >
عرض

فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
-القمر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنّى } أي بأَنِّي وقُرِىءَ بالكسرِ على إرادةِ القولِ { مَغْلُوبٌ } أي من جهةِ قومِي ما لي قدرةٌ على الانتقامِ منْهم { فَٱنتَصِرْ } أي فانتقِمْ لِي منُهم وذلكَ بعد تقررِ يأسِه منُهم بعد اللَّتيا والتي فقد رُويَ أنَّ الواحدَ منْهم كان يلقاهُ فيخنقُه حتَّى يخِرَّ مغشياً عليهِ ويقولَ اللهمَّ اغفرُ لقومِي فإنَّهم لا يعلمونَ { فَفَتَحْنَا أَبْوٰبَ ٱلسَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ } منصبَ وهُو تمثيلٌ لكثرةِ الأمطارِ وشدةِ انصبابِها وقُرِىءَ ففتَّحنا بالتشديدِ لكثرةِ الأبوابِ { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً } أي جعلنَا الأرض كُلَّها كأنَّها عيونٌ متفجرةٌ وأصلُه وفجرنَا عيونَ الأرضِ فغُيرَ قضاءً لحقِّ المقامِ { فَالْتَقَى ٱلمَاء } أي ماءُ السماءِ وماءُ الأرضِ والإفرادُ لتحقيقِ أنَّ التقاءَ الماءينِ لم يكُنْ بطريقِ المجاورةِ والتقاربِ بلْ بطريقِ الاختلاطِ والاتحادِ وقُرِىءَ المَاءانِ لاختلافِ النوعينِ والماوانِ بقلبِ الهمزةِ واواً. { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } أي كائناً على حالٍ قد قدَّرَها الله تعالَى من غيرِ تفاوتٍ أو على حالٍ قدرتْ وسويتْ وهو أنَّ قدرَ ما أُنزلَ على قدرِ ما أُخرجَ أو على أمرٍ قدرَهُ الله تعالَى وهو هلاكُ قومِ نوحٍ بالطُّوفانِ { وَحَمَلْنَاهُ } أي نوحاً عليهِ السَّلامُ { عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوٰحٍ } أي أخشابٍ عريضةٍ { وَدُسُرٍ } ومساميرَ جمعُ دِسارٍ من الدَّسرِ وهو الدفعُ وهي صفةٌ للسفينةِ أقيمتْ مقامَها من حيثُ إنَّها كالشرح لها تؤدِّي مُؤدَّاها { تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا } بمرأى منَّا أي محفوظةً بحفظِنا { جَزَاء لّمَن كَانَ كُفِرَ } أي فعلنَا ذلكَ جزاءَ لنوحٍ عليهِ السَّلامُ لأنَّه كانَ نعمةً كفرُوها فإنَّ كلَّ نبـيَ نعمةٌ من الله تعالَى على أمتهِ ورحمةٌ وأيُّ نعمةٍ ورحمةٍ وقد جُوِّزَ أن يكونَ على حذفِ الجارِّ وإيصالِ الفعلِ إلى الضميرِ واستتارُه في الفعلِ بعد انقلابِه مرفوعاً وقُرِىءَ لَمنْ كَفَرَ أي للكافرينَ.