التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٦
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٨
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ
١٩
-القمر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَلَقَدْ تَّرَكْنَـٰهَا } أي السفينةَ أو الفعلةَ { ءايَةً } يعتبرُ بَها من يقفُ على خَبرِها. وقالَ قَتَادةُ أبقاهَا الله تعالَى بأرضِ الجزيةِ، وقيلَ: على الجُودِّي دَهْراً طويلاً حتى نظرَ إليها أوائلُ هذه الأمةِ. { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } أي معتبرٍ بتلكَ الآيةِ الحقيقةِ بالاعتبارِ وقُرِىءَ مُذْتكرٍ على الأصلِ ومُذَّكرٍ بقلبِ التاءِ ذالاً والإدغام فيَها{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } استفهامُ تعظيمٍ وتعجيبٍ أيْ كانا على كيفيةٍ هائلةٍ لا يُحيطُ بَها الوصفُ، والنذرُ جمعُ نذيرٍ بمَعْنى الإنذارِ. { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءانَ } الخ جملةٌ قسميةٌ وردتْ في أواخرِ القصصِ الأربعِ تقريراً لمضمونِ ما سبقَ من قولِه تعالى: { { وَلَقَدْ جَاءهُم مّنَ ٱلأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَـٰلِغَةٌ فَمَا تُغْنِـى ٱلنُّذُرُ } [سورة القمر، الآيتان 4، 5] وتنبـيهاً على أنَّ كلَّ قصةٍ منها مستقلةٌ بإيجابِ الإدكارِ كافيةٌ في الازدجارِ ومع ذلكَ لم تقعْ واحدةٌ في حيزِ الاعتبارِ، أي وبالله لقد سهَّلَنا القرآنَ لقومِكَ بأنْ أنزلناهُ على لغتِهم وشحنَّاهُ بأنواعِ المواعظِ والعبرِ وصرَّفنا فيهِ من الوعيدِ والوعدِ { لِلذّكْرِ } أي للتذكرِ والاتعاظِ { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } إنكارٌ ونفيٌ للمتعظِ على أبلغِ وجهٍ وآكدِه حيثُ يدلُّ على أنَّه لا يقدرُ أحدٌ أنْ يجيبَ المستفهَم بنَعَمْ وحَملُ تيسيرِه على تسهيلِ حفظِه بجزالةِ نظمِه وعذوبِة ألفاظِه وعباراتِه مما لا يساعدُه المقامُ. { كَذَّبَتْ عَادٌ } أي هوداً عليهِ السَّلامُ ولم يتعرضْ لكيفيةِ تكذيبِهم له رَوْماً للاختصارِ ومُسارعةً إلى بـيانِ ما فيه الازدجارُ من العذابِ. وقولُه تعالَى: { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } لتوجيهِ قلوبِ السامعينَ نحوَ الاصغاءِ إلى ما يُلقى إليهم قبلَ ذكرِه لا لتهويلِه وتعظيمِه وتعجيبِهم من حالةِ بعدَ بـيانِه كما قبلَه وما بعدَهُ كأنَّه قيلَ كذبتْ عادٌ فهل سمعتُم أو فاسمعُوا كيفَ كانَ عذابِـي وإنذاراتِي لهم. وقولُه تعالَى: { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } استئنافٌ ببـيانِ ما أُجملَ أولاً أيْ أرسلنَا عليهم ريحاً باردةً أو شديدةَ الصوتِ { فِى يَوْمِ نَحْسٍ } شؤمٍ { مُّسْتَمِرٌّ } أي شؤمُه أو مستمرٌّ عليهم إلى أنْ أهلكهُم أو شاملٌ لجميعِهم كبـيرِهم وصغيرِهم أو مشتدٌّ مراراتُه، وكانَ يومَ الأربعاءِ آخرَ الشهرِ.