التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٠
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ
٣١
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٢
يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ
٣٣
-الرحمن

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } مع مشاهدتِكم لما ذُكِرَ من إحسانِه.

{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ } أي سنتجردُ لحسابِكم وجزائِكم وذلكَ يومَ القيامةِ عندَ انتهاءِ شؤونِ الخلقِ المشارِ إليَها بقولِه تعالى: { { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ } [سورة الرحمن، الآية 29] فلا يَبْقى حينئذٍ إلا شأنٌ واحدٌ هو الجزاءُ فعبرَ عنْهُ بالفراغِ لهم بطريقِ التمثيلِ وقيلَ: هو مستعارٌ من قولِ المتهدِّدِ لصاحبهِ؛ سأفرُغُ لكَ أي سأتجردُ للإيقاعِ بكَ من كلِّ ما يشغلنِي عنْهُ والمرادُ التوفرُ على النِّكايةِ فيهِ والانتقامِ منْهُ. وقُرىءَ سَيفرُغُ مبنياً للفاعلِ وللمفعولِ. وقُرِىءَ سَنفرُغُ إليكُم أي سنقصدُ إليكُم. { أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } هما الإنسُ والجنُّ سُمِّيا بذلكَ لثقلِهما على الأرضِ أو لرزانةِ آرائِهما أو لأنَّهما مثقلانِ بالتكليفِ { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا } التي من جُمْلتِها التنبـيهُ على ما سيلقَونَهُ يومَ القيامةِ للتحذيرِ عمَّا يُؤدِّي إلى سوءِ الحسابِ { تُكَذّبَانِ } بأقوالِكما وأعمالِكما.

{ يَـٰمَعْشَرَ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ } هما الثقلانِ خوطِبا باسمِ جنسِهما لزيادةِ التقريرِ ولأنَّ الجنَّ مشهورونَ بالقدرةِ على الأفاعيلِ الشاقةِ فخُوطبوا بما ينبىءُ عن ذلكَ لبـيان أن قدرتَهُم لا تَفِي بما كُلِّفُوه. { إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } إنْ قدرتُم عَلى { أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَـٰرِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } أي أن تهربُوا من قضائِي وتخرجُوا من ملكوتِي ومن أقطارِ سمواتِي وأرضِي { فَٱنفُذُواْ } منها وخلِّصُوا أنفسَكُم من عقابِـي { لاَ تَنفُذُونَ } لا تقدرونَ عل النفوذِ { إِلاَّ بِسُلْطَـٰنٍ } أي بقوةٍ وقهرٍ، وأنتُم من ذلكَ بمعزلٍ بعيدٍ. رُويَ أن الملائكةَ تنزلُ فتحيطُ بجميـعِ الخلائقِ فإذا رآهُم الجنُّ والإنسُ هربُوا فلا يأتونَ وجهاً إلا وجدُوا الملائكةَ أحاطتْ بهِ.