التفاسير

< >
عرض

مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ
٥٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٥
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ
٥٦
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٧
كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ
٥٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٩
هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ
٦٠
-الرحمن

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالَى: { مُتَّكِئِينَ } حالٌ من الخائفينَ لأنَّ منْ خافَ في مَعْنى الجمعِ، أو نصبٌ على المدحِ { عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } من ديباجٍ ثخينٍ، وحيثُ كانتْ بطائنُها كذلكَ فما ظنُّكَ بظهائرِها، وقيل: ظهائرُها من سندسٍ وقيل: من نورٍ { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } أيْ مَا يُجتنَى من أشجارِها من الثمارِ قريبٌ ينالُه القائمُ والقاعدُ والمضطجعُ. قالَ ابنُ عبَّاسٍ رضيَ الله عنُهمَا: تدنُو الشجرةُ حتى يجتنيَها وليُّ الله إنْ شاءَ قائماً وإنْ شاءَ قاعداً وإن شاءَ مُضطجعاً. وقُرِىءَ جِنَى بكسرِ الجيمِ. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ }. وقوله تعالى:

{ فِيهِنَّ } أيْ في الجنانِ المَدلُولِ عليها بقولِه تعالَى: { { جَنَّتَانِ } [سورة سبأ، الآية 15 وسورة الرحمن، الآية 46 و62] لِما عرفتَ أنَّهما لكلِّ خائفينِ منَ الثقلينِ أوْ لكلِّ خائفٍ حسبَ تعددِ عملِه، وقد اعتُبرَ الجمعيةُ في قولِه تعالَى متكئينَ وقيلَ فيما فيهما من الأماكنِ والقصورِ وقيلَ في هذِه الآلاءِ المعدودةِ من الجنتينِ والعينينِ والفاكهةِ والفرشِ. { قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ } نساءٌ يقصُرنَ أبصارَهُنَّ على أزواجِهنَّ لا ينظرنَ إلى غيرِهم { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } أي لم يَمسَّ الإنسياتِ أحدٌ من الإنسِ ولا الجنياتِ أحدٌ من الجنِّ قبلَ أزواجِهنَّ المدلولَ عليهُم بقاصراتُ الطرفِ، وقيلَ: بقولِه تعالى متكئينَ، وفيه دليلٌ على أنَّ الجِنَّ يطمثُونَ. وقُرِىءَ يَطْمُثْهنَّ بضمِّ الميمِ. والجملةُ صفةٌ لقاصراتُ الطرفِ، لأنَّ إضافتَها لفظيةٌ، أو حالٌ منَها لتخصصِها بالإضافةِ. { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ }. وقولُه تعالى:

{ كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } إمَّا صفةٌ لقاصراتُ الطرفِ، أو حالٌ منَها كالتي قبلَها أي مشبهاتٌ بالياقوتِ في حُمرةِ الوجنةِ، والمرجانِ أي صغارِ الدرِّ في بـياضِ البشرةِ وصفائِها،، فإنَّ صغارَ الدرِّ أنصعُ بـياضاً من كبارِه قيل: إنَّ الحوراءَ تلبَسُ سبعينَ حُلَّة فيُرى مخُّ ساقِها منْ ورائِها كما يُرى الشرابُ الأحمرُ في الزجاجةِ البـيضاءِ { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ }. وقولُه تعالَى: { هَلْ جَزَاء ٱلإحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإحْسَـٰنُ } استئنافٌ مقررٌ لمضمونِ ما فُصِّلُ قبلَهُ أي ما جزاءُ الإحسانِ في العملِ إلا الإحسانُ في الثوابِ.