التفاسير

< >
عرض

وَحُورٌ عِينٌ
٢٢
كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ
٢٣
جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٤
لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً
٢٥
إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً
٢٦
وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ
٢٧
فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ
٢٨
وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ
٢٩
-الواقعة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَحُورٌ عِينٌ } بالرفعِ عطفٌ على ولدانٌ أو مبتدأٌ محذوفُ الخبرِ أيْ وفيهَا أو لَهُم حورٌ. وقرىءَ بالجرِّ عطفاً على جنابِ النعيمِ، كأنَّه قيلَ هم في جناتٍ وفاكهةٍ ولحمٍ ومصاحبة حورٍ أو على أكوابٍ لأنَّ معنى يطوفُ عليهم ولدانٌ مخلدونَ بأكوابٍ يُنعَّمونَ بأكوابٍ وبالنصبِ أي ويُؤتونَ حُوراً. { كَأَمْثَـٰلِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } صفة لحور أو حال. { جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } مفعول له أي يفعل بهم ذلكَ كلُّه جزاءً بأعمالِهم، أو مصدرٌ مؤكدٌ أي يُجزونَ جزاءً. { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } أي باطلاً { وَلاَ تَأْثِيماً } أيْ ولا نسبةً إلى الإثمِ أيْ لا لغوَ فيهَا ولا تأثيمَ ولا سماعَ كقولِه:

[لا تُفْزِعِ الأرنبَ أهوالُها] ولاَ تَرَى الضبَّ بها ينجحِرُ

{ إِلاَّ قِيلاً } أي قولاً { سَلَـٰماً سَلَـٰماً } بدلٌ من قيلاً كقوله تعالَى: { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلَـٰماً } [سورة مريم، الآية 62]، أو صفتُه أو مفعولُه بمَعْنى لا يسمعونَ فيها إلا أنْ يقولُوا سلاماً سلاماً والمَعْنى أنهم يُفشونَ السلامَ فيسلمونَ سلاماً بعدَ سلامٍ أو لا يسمعُ كلٌّ من المسلِّمِ والمسلَّمِ عليهِ إلا سلامَ الآخرِ بدءاً أو رداً. وقُرِىءَ سلامٌ سلامٌ على الحكايةِ. وقولُه تعالَى:

{ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ } شروعٌ في تفصيل ما أُجملَ عند التقسيمِ من شؤونِهم الفاضلةِ إثرَ تفصيلِ شؤونِ السابقينَ وهو مبتدأُ وقولُه تعالى: { مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ } جملةٌ استفهاميةٌ مسوقةٌ لتفخيمِهم والتعجيبِ من حالِهم وقد عرفتَ كيفيةَ سبكِها، محلُّها إما الرفعُ على أنَّها خبرٌ للمبتدأِ أو معترضةٌ لا محلَّ لها. والخبرُ قولُه تعالى: { فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } وهو على الأولِ خبرٌ ثانٍ للمبتدأِ أو خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ، والجملةُ استئنافٌ لبـيانِ ما أُبهمَ في قولِه تعالى: { مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ } من علوِّ الشأنِ أي هم في سدرٍ غيرِ ذي شوكٍ لا كسِدْر الدُّنيا وهو شجرُ النبقِ كأنَّه خُضِّدَ شوكُه أي قطعَ وقيل: مخضودٌ أي مثنيٌّ أغصانُه لكثرةِ حملِه من خضَدَ الغصنُ إذا ثناهُ وهو رطبٌ { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } قد نُضّد حملُه من أسفلِه إلى أعلاهُ ليستْ له ساقٌ بارزةُ وهو شجرُ الموزِ أو أمُّ غيلانَ وله أنوارٌ كثيرةٌ منتظمةٌ طيبةُ الرائحةِ وعن السُّدِّيِّ: شجرٌ يُشبهُ طلحَ الدُّنيا ولكنْ له ثمرٌ أَحْلى من العسلِ. وعن عليَ رضيَ الله عنهُ أنه قرأَ وطلعٍ وما شأنُ الطلحِ وقرأَ قولَه تعالى: { لها طلعٌ نضيدٌ } [سورة ق، الآية 10] فقيلَ أَوَ نُحوِّلُها قال: آيْ القرآنِ لا تُهاجُ ولا تحولُ وعن ابنِ عباسٍ نحوُه.