التفاسير

< >
عرض

وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ
٨٤
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ
٨٥
فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ
٨٦
تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٨٧
فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
٨٨
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ
٨٩
وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ
٩٠
-الواقعة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ } أيها الحاضرونَ حولَ صاحبِها { تَنظُرُونَ } إلى ما هُو فيه من الغمراتِ { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ } علماً وقدرةً وتصرفاً { مّنكُمْ } حيثُ لا تعرفون من حالِه إلا ما تشاهدونَهُ من آثارِ الشدةِ من غيرِ أن تقفوا على كُنهِها وكيفيتِها وأسبابِها ولا أنْ تقدرُوا على دفع أدنى شيءٍ منها ونحنُ المتولونَ لتفاصيل أحوالِه بعلمنا وقدرتنا أو بملائكة الموتِ { وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } لا تدركونَ ذلكَ لجهلِكم بشؤونِنا. وقولُه تعالى:

{ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } أي غيرَ مربوبـينَ من دانَ السلطانُ رعيتَهُ إذا ساسَهم واستعبدَهم ناظر إلى قولِه تعالى نحن خلقناكُم فلولا تصدقونَ فإن التحضيضَ يستدعي عدمَ المحضض عليه حتماً وقوله تعالى: { تَرْجِعُونَهَا } أي النفسُ إلى مقرِّها هو العاملُ في إذَا والمحضض عليه بلولا الأُولى والثانيةُ مكررةٌ للتأكيد وهيَ مع ما في حيزها دليلُ جوابِ الشرطِ والمعنى إنْ كنتُم غير مربوبـينَ كما ينبىءُ عنه عدمُ تصديقِكم بخلقنا إياكم فهلا ترجعونَ النفسَ إلى مقرِّها عند بلوغِها الحلقومَ { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في اعتقادكم فإن عدمَ تصديقِهم بخالقيتِه تعالى لهم عبارةٌ عن تصديقِهم بعدمِ خالقيتِه تعالى بوجبِ مذهبِهم. وقوله تعالى:

{ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } إلخ شروعٌ في بـيان حالِ المُتوفي بعد المماتِ إثرَ بـيانِ حالِه عند الوفاةِ أي فأما إن كانَ الذي بُـيّن حالُه من السابقينَ من الأزواج الثلاثةِ عبر عنهم بأجلِّ أوصافِهم { فَرَوْحٌ } أي فله استراحةٌ وقرىء فرُوحٌ بضمِّ الراء وفسِّر بالرحمة لأنها سببٌ لحياة المرحومِ وبالحياة الدائمةِ { وَرَيْحَانٌ } ورزقٌ { وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } أي ذاتُ تنعمٍ { وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ } عبر عنهم بالعنوانِ السابقِ إذا لم يذكر لهم فيما سبقَ وصفٌ واحدٌ ينبىءُ عن شأنِهم سواهُ كما ذكرَ للفريقينِ الآخرينِ.