التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
-الحديد

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } ظرفٌ لقولِه تعالَى وله أجرٌ كريمٌ أو لقوله تعالى فيضاعفَهُ أو منصوبٌ بإضمارٍ اذكُرْ تفخيماً لذلك اليومِ. وقولُه تعالى: { يَسْعَىٰ نُورُهُم } حالٌ من مفعولِ تَرَى قيلَ نورَهم الضياءُ الذي يُرَى { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِم } وقيلَ: هو هُداهُم وبأيمانِهم كتبَهم أي يسعَى إيمانُهم وعملهم الصالُح بـينَ أيديِهم وفي أيمانِهم كتبُ أعمالِهم، وقيلَ هو القرآنُ وعنِ ابنِ مسعودٍ رضيَ الله تعالَى عنْهُ: (يُؤتَون نورَهُم على قدرِ أعمالهم فمنهُم مَنْ يُؤتى نوره كالنخلة ومنهم مَن يُؤتَى كالرجل القائمِ وأدناهُم نوراً مَنْ نورُه على إبهامِ رجلهِ ينطفىءُ تارةً ويلمعُ أُخرَى). قالَ الحسنُ: يستضيئونَ به على الصراطِ. وقال مقاتلٌ: يكونُ لهم دليلاً إلى الجنَّةِ { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّـٰتٌ } مقدرٌ بقولٍ هو حالٌ أو استئنافٌ أيْ يقالُ لهم بُشراكُم أي ما تبشرونَ بهِ جنَّاتٌ أو بُشراكم دخولُ جنَّاتٍ { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ } أي ما ذُكرَ من النُّورِ والبُشرى بالجناتِ المخلدةِ { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } الذي لا غايةَ وراءَهُ وقرىءَ ذلكَ الفوز العظيمُ.

{ يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَـٰتُ } بدلٌ مِن يومَ تَرَى { لِلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱنظُرُونَا } أي انتظرونَا يقولونَ ذلكَ لما أنَّ المؤمنينَ يُسرَع بِهم إلى الجنَّةِ كالبرقِ الخاطفِ على ركابٍ تزفُّ بهم وهؤلاءِ مشاةٌ أو انظروا إلينَا فإنَّهم إذا نظرُوا إليهم استقبلُوهم بوجوهِهم فيستضيئونَ بالنُّورِ الذي بـينَ أيديِهم. وقُرِىءَ أَنِظرُونا من النَّظِرةِ وهي الإمهالُ جعلَ اتئادَهم في المُضيِّ إلى أنْ يلحقُوا بهم إنظاراً لهم { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } أي نستضىءْ منه وأصلُه اتخاذُ القبسِ. { قِيلَ } طَرداً لهم وتهكماً بهِم من جهة المؤمنينَ أو جهة الملائكةِ { ٱرْجِعُواْ وَرَاءكُمْ } أي إلى الموقف { فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً } فإنَّه من ثمَّ يُقتبسُ أو إلى الدُّنيا فالتمسُوا النورَ بتحصيل مباديِه من الإيمان والأعمالِ الصالحةِ أو ارجعوا خائبـينَ خاسئينَ فالتمسُوا نوراً آخرَ وقد علمُوا أنْ لا نورَ وراءَهُم وإنما قالُوه تخيـيباً لهم أَوْ أرادُوا بالنورِ ما وراءَهُم من الظُّلمةِ الكثيفةِ تهكماً بهم { فَضُرِبَ بَيْنَهُم } بـينَ الفريقينِ { بِسُورٍ } أي حائطٍ، والباءُ زائدةٌ { لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ } أي باطنُ السُّورِ أو البابِ وهو الجانبُ الذي يلي الجنَّةَ { فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَـٰهِرُهُ } وهو الطرفُ الذي يَلي النَّارَ { مِن قَبْلِهِ } من جهتِه { ٱلْعَذَابَ } وقُرِىءَ فضَرَبَ على البناءِ للفاعلِ.