التفاسير

< >
عرض

ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ
٢٠
-الحديد

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ ٱعْلَمُواْ أَنَّمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِى ٱلأَمْوٰلِ وَٱلأَوْلْـٰدِ } بعدَ ما بُـيِّنَ حالُ الفريقينِ في الآخرةِ، شُرحَ حالُ الحياةِ الدُّنيا التي اطمأنَّ بها الفريقُ الثَّاني، وأُشيرَ إلى أنَّها من محقرات الأمورِ التي لا يركنُ إليها العقلاءُ فضلاً عن الاطمئنانِ بَها وأنَّها مع ذلكَ سريعةُ الزوالِ وشيكةُ الاضمحلالِ حيثُ قيلَ: { كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ } أي الحُرَّاثَ { نَبَاتُهُ } أي النباتُ الحاصلُ بهِ { ثُمَّ يَهِـيجُ } أي يجفُّ بعدَ خضرتِه ونضارتِه { فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً } بعدَ ما رأيتَهُ ناضراً مُونِقاً. وقُرىءَ مُصفارَّاً وإنما لم يقلْ فيصفرُّ إيذاناً بأنَّ اصفرارَهُ مقارنٌ لجفافِه وإنما المترتبُ عليه رؤيتُه كذلكَ { ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً } هشيماً مُتكسراً ومحلُّ الكافِ. قيلَ: النصبُ على الحاليةِ من الضميرِ في لعبٌ لأنَّه في معنى الوصف، وقيل الرفع على أنه خبر للحياة الدنيا بتقدير المضاف أي مثل الحياةِ الدُّنيا كمثلِ الخ وبعدَ ما بُـيِّنِ حقارةُ أمرِ الدُّنيا تزهيداً فيها وتنفيراً عن العكوفِ عليها أُشيرَ إلى فخامة شأنِ الآخرةِ وعظمِ ما فيها من اللذاتِ والآلامِ ترغيباً في تحصيلِ نعيمِها المقيمِ وتحذيراً من عذابِها الأليمِ، وقُدِّمَ ذكرُ العذابِ فقيلَ { وَفِى ٱلأَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ } لأنَّه من نتائجِ الانهماكِ فيما فُصِّلَ من أحوالِ الدُّنيا { وَمَغْفِرَةٌ } عظيمة { مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ } عظيمٌ لا يُقَادرُ قَدرُه. { وَما ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَـٰعُ ٱلْغُرُورِ } أي لمن اطمأنَّ بها ولم يجعلْها ذريعةً إلى الآخرةِ. عن سعيدِ بنِ جُبـيرٍ: الدُّنيا متاعُ الغرورِ إنْ ألهتكَ عن طلب الآخرةِ فأمَّا إذَا دعتكَ إلى طلبِ رضوانِ الله تعالَى فنعمَ المتاعُ ونعمَ الوسيلةُ.