التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٤
لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ
٥
يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٦
آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ
٧
-الحديد

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } بـيانٌ لبعضِ أحكامِ ملكِهما وقد مرَّ تفسيرُه مِراراً { يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِى ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } مرَّ بـيانُه في سورةِ سبأ { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ } تمثيلٌ لإحاطة علمِه تعالى بهم وتصويرٌ لعدمِ خروجِهم عنه أينما دارُوا. وقولُه تعالى: { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } عبارةٌ عن إحاطتِه بأعمالِهم فتأخيرُه عن الخلقِ لما أنَّ المرادَ به ما يدورُ عليه الجزاءُ من العلم التابعِ للمعلوم لا لما قيلَ من أنه دليلٌ علَيه. وقولُه تعالى:

{ لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } تكريرٌ للتأكيدِ وتمهيدٌ لقولِه تعالى: { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } أي إليهِ وَحْدَهُ لا إلى غيرِه استقلالاً أو اشتراكاً ترجعُ جميعُ الأمورِ، على البناءِ للمفعولِ من رجَعَ رَجْعاً. وقُرِىءَ على البناءِ للفاعلِ منْ رجعَ رُجُوعاً. { يُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ } مرَّ تفسيرُه مراراً. وقولُه تعالى:

{ وَهُوَ عَلِيمٌ } أيْ مُبالِغٌ في العلمِ { بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي بمكنوناتِها اللازمةِ لها، بـيانٌ لإحاطةِ علمِه تعالَى بمَا يُضمرونَهُ من نيَّاتِهم بعدَ بـيانِ إحاطتِه بأعمالِهم التي يُظهرونَها.

{ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } أي جعلكم خلفاءَ في التصرفِ فيهِ من غيرِ أنْ تملكوه حقيقةً عبر عمَّا بأيديهم من الأموالِ والأرزاقِ بذلكَ تحقيقاً للحقِّ وترغيباً لهم في الإنفاقِ، فإنَّ من علَم أنَّها الله عزَّ وجلَّ وإنَّما هُو بمنزلةِ الوكيلِ يَصرِفها إلى ما عيّنه الله تعالى من المصارفِ هانَ عليه الإنفاقُ أو جعلكم خلفاء ممَّن قبلكَم فيما كَانَ بأيديهم بتوريثِه إيَّاكُم فاعتبرُوا بحالِهم حيثُ انتقلَ منهم إليكُم وسينتقلُ منكُم إلى مَنْ بعدكُم فلا تبخلُوا به { فَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ } حسبمَا أُمروا به { لَهُمْ } بسببِ ذلكَ { أَجْرٌ كَبِيرٌ } وفيِه من المُبالغاتِ ما لا يَخفْى حيثُ جعلَ الجملةَ إسميةً، وأُعيدَ ذكرُ الإيمانِ والإنفاقِ وكُررَ الإسنادُ وفُخم الأجرُ بالتنكير ووصفَ بالكبـيرِ.