التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
-الحشر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مدنية، وآيُها أربع وعشرون

{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } مرَّ ما فيه من الكلامِ في صدرِ سورةِ الحديدِ وقد كُرِرَ الموصولُ ههنا لزيادةِ التقريرِ والتنبـيهِ على استقلالِ كلَ من الفريقين بالتسبـيحِ. روي أنه عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة صالحَ بني النضير وهُم رهطٌ من اليهودِ من ذريةِ هارون عليه الصلاة والسلام نزلوا المدينةَ في فتن بني إسرائيلَ انتظاراً لبعثِه عليه الصلاة والسلام وعاهدَهُم أنْ لا يكونُوا لهُ ولا عليهِ فلما ظهرَ عليه الصلاةُ والسلامُ يومَ بدرٍ قالُوا هو النبـيُّ الذي نعتُه في التوراةِ لا تردُّ له رايةٌ فلما كان يومُ أحدٍ ما كان ارتابُوا ونكثُوا فخرجَ كعبُ بن الأشرفِ في الأربعينَ راكباً إلى مكةَ فحالفُوا قريشاً عند الكعبةِ على قتالِه عليه الصلاةُ والسلامُ فأمرَ عليه الصلاةُ والسلامُ محمدَ بنَ مَسْلَمَةَ الأنصاريَّ فقتلَ كعباً غِيلةً وكان أخاهُ من الرضاعَةِ ثم صبَّحهم بالكتائبِ فقال لهم: اخرُجوا من المدينةِ فاستمهلُوه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عشرةَ أيامٍ ليتجهزُوا للخروجِ فدسَّ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبـي المنافقُ وأصحابُه إليهم لا تخرجوا من الحصنِ فإن قاتلوكم فنحنُ معكم لا نخذلُكم ولئن خرجتُم لنخرجَنَّ معكم فدربوا على الأزقَّةِ وحصَّنُوها فحاصرَهُم النبـيّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إحدى وعشرينَ ليلةً فلما قذفَ الله في قلوبهم الرعبَ وأيسُوا من نصرِ المنافقين طلبُوا الصلح فأبى عليهم إلا الجلاءَ على أن يَحمِلَ كلُّ ثلاثةِ أبـياتٍ على بعيرٍ ما شاءُوا من متاعِهم فجلوا إلى الشأم إلى أريحا وأذرعاتٍ إلا أهلَ بـيتينِ منهم آلُ أبـي الحقيقِ وآلُ حُيـي بنِ أخطبَ فإنَّهم لحقُوا بخيبرَ ولحقتْ طائفةٌ منهم بالحيرةِ فأنزلَ الله تعالى: { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } إلى قولِه: { { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } [سورة الحشر، الآيه 6].