التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٩
وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
١٠
وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١١
-المنافقون

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي لا يشغَلْكُم الاهتمامُ بتدبـيرِ أمورِهَا والاعتناءُ بمصالحِهَا والتمتعُ بها عن الاشتغالِ بذكرِهِ عزَّ وجلَّ من الصلاةِ وسائرِ العباداتِ المذكّرةِ للمعبودِ والمرادُ نهيهُم عنِ التَّلهّي بهَا، وتوجيهُ النهيِ إليهَا للمبالغةِ كما في قولِهِ تعالَى: { { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ } [سورة المائدة، الآية 2] الخ { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } أي التَّلهي بالدُّنيا منَ الدينِ { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } أي الكاملونَ في الخسرانِ حيثُ باعُوا العظيمَ الباقِي بالحقيرِ الفانِي { وَأَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـٰكُمْ } أي بعضَ ما أعطينَاكُم تفضلاً منْ غيرِ أنْ يكونَ حصولُهُ من جهتِكُم ادخاراً للآخرةِ { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } بأنْ يشاهدَ دلائلَهُ ويعاينَ أماراتِهِ ومخايلَهُ، وتقديمُ المفعولِ على الفاعلِ لما مرَّ مراراً من الاهتمامِ بما قُدِّمَ والتشويقِ إلى ما أُخِّر { فَيَقُولُ } عند تيقنِه بحلولِهِ { رَبّ لَوْلا أَخَّرْتَنِى } أي أمهلتَنِي { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي أمدٍ قصيرٍ { فَأَصَّدَّقَ } بالنصبِ على جوابِ التمنِي وقُرِىءَ فأتصدقَ { وَأَكُن مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } بالجزمِ عطفاً على محلِّ فأصدقَ كأنه قيلَ إنْ أخرتنِي أصدقْ وأكنْ وقُرِىءَ وأكونَ بالنصبِ عطفاً على لفظِهِ وقُرِىءَ وأكونُ بالرفعِ أي وأنَا أكونَ، عِدة منه بالصلاحِ { وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً } أي ولَنْ يُمهلَهَا { إِذَا جَاء أَجَلُهَا } أي آخرُ عُمرِهَا أو انتهى إنْ أُريدَ بالأجلِ الزمانُ الممتدُ من أولِ العمرِ إلى آخرِهِ { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } فمجازيكُم عليهِ إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شراً فشرٌّ فسارَعُوا في الخيراتِ واستعدُّوا لما هُو آتٍ وقُرِىءَ يعملُونَ بالياءِ التحتانيةِ.

عن النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: " "مَنْ قَرأ سورةَ المنافقينَ برىءَ من النفاقِ" .