التفاسير

< >
عرض

وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً
٤
ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً
٥
-الطلاق

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَٱللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نّسَائِكُمْ } لِكبرهنَّ وقد قدَّرُوه بستينَ سنة وبخمسٍ وخمسينَ { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } أي شككتُم وجهِلْتُم كيفَ عدّتُهُن { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ } بعدُ لصغرِهِنَّ أي فعدَّتهنَّ أيضاً كذلكَ فحذفَ ثقةً بدلالةِ ما قبلَهُ عليهِ { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ } أي مُنْتهى عدتِّهِنَّ { أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } سواءً كُنَّ مطلقاتٍ أو مُتوفيًّ عنهُنَّ أزواجُهُنَّ وقد نُسخَ بهِ عمومُ قولِه تعالَى: { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } [سورة البقرة، الآية 234] لتراخِي نزولِهِ عن ذلكَ لما هُو المشهورُ من قولِ ابنِ مسعودٍ رضيَ الله عنْهُ: من شاءَ باهلتُه أنَّ سورةَ النساءِ القُصْرى نزلتْ بعدَ التي في سورةِ البقرةِ، وقد صحَّ أن سُبـيعَة بنتَ الحارثَ الأسلميةَ ولدتْ بعدَ وفاةِ زوجِهَا بليالٍ فذكرتْ ذلكَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ لَهَا قدْ حللتِ فتزوَّجِي { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } في شأنِ أحكامِهِ ومراعاةِ حقوقِهَا { يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } أي يُسْهلْ عليهِ أمرَهُ ويوفِّقْهُ للخيرِ. { ذٰلِكَ } إشارةٌ إلى ما ذُكِرَ منَ الأحكامِ، وما فيهِ من مَعْنَى البُعدِ مع قُرب العهدِ بالمُشارِ إليهِ للإيذانِ ببُعدِ منزلتِهِ في الفضلِ. وإفرادُ الكافِ معَ أن الخطابَ للجمعِ كما يفصحُ عنه قولُه تعالى: { أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ } لِما أنها لمجردِ الفرقِ بـين الحاضرِ والمنقضِي لا لتعيـينِ خصوصيةِ المخاطبـينَ وقد مرَّ في قولِه تعالَى: { { ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } [سورة البقرة، الآية 232] من سورةِ البقرةِ { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } بالمحافظةِ على أحكامِهِ { يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئَـٰتِهِ } فإنَّ الحسناتِ يُذهبنَ السيئاتِ { وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } بالمضاعفةِ.