التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
١١
وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ
١٢
-التحريم

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ } أي جعلَ حالها مثلاً لحالِ المؤمنينَ في أنَّ وصلةَ الكفرةِ لا تضرُّهم حيثُ كانتْ في الدُّنيا تحت أعدى أعداءِ الله وهيَ في أعلى غرفِ الجنةِ وقولِهِ تعالَى: { إِذْ قَالَتِ } ظرفٌ لمحذوفٍ أشيرَ إليهِ أي ضربَ الله مثلاً للمؤمنينَ حالَها إذْ قالتْ { رَبّ ٱبْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى ٱلْجَنَّةِ } قريباً من رحمتكَ أو في أَعلَى درجاتِ المقربـينَ. رُوِيَ أنها لما قالتْ ذلكَ أريتْ بـيتَها في الجنةِ من دُرَّةٍ وانتُزِعَ رُوحُها { وَنَجّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ } أي مِنْ نفسِه الخبـيثةِ وعملِه السيِء { وَنَجّنِى مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } من القبطِ التابعينَ لهُ في الظلمِ { وَمَرْيَمَ ٱبْنَةَ عِمْرَانَ } عطفٌ على امرأةِ فرعونٍ تسليةً للأراملِ أي وضربَ الله مثلاً للذينَ آمنُوا حالَها ومَا أوتيتْ من كرامةِ الدُّنيا والآخرةِ والاصطفاء على نساءِ العالمينَ مع كونِ قومِها كُفاراً { ٱلَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ } وقُرِىءَ فيها أي مريمٌ { مِن رُّوحِنَا } من رُوحٍ خلقناهُ بلا توسطٍ أصلاً { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَـٰتِ رَبَّهَا } بصحفِهِ المنزلةِ أو بما أَوْحى إلى أنبـيائِه { وَكُتُبِهِ } بجميعِ كتبِه المنزلةِ وقُرِىءَ بكلمةِ الله وكتابِه أي بعيسَى وبالكتابِ المنزلِ عليهِ وهو الإنجيلُ { وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَـٰنِتِينَ } أي من عدادِ المواظبـينَ على الطاعةِ، والتذكيرُ للتغليبِ والإشعارِ بأنَّ طاعتها لم تقصُرْ عنْ طاعاتِ الرجالِ حتى عُدَّت مِنْ جُملَتهم أو مِنْ نَسلِهِم لأنَّها من أعقابِ هارونَ أخِي مُوسى عليهما السلامُ.

وعن النبـيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: " "كَمُلَ من الرجالِ كثيرٌ ولم يكملْ من النساءِ إلا أربعٌ آسيةُ بنتُ مُزاحمٍ ومريمُ بنتُ عمرانَ وخديجةُ بنتُ خويلدٍ وفاطمةُ بنتُ محمدٍ صلواتُ الله عليهِ وفضلُ عائشةَ على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائرِ الطعامِ" " وعن النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: " "مَنْ قرأَ سورةَ التحريمِ آتاهُ الله توبةً نصوحاً" .