التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١
قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٢
وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ
٣
-التحريم

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مدنية، وآيُها اثنتا عشرة

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } رُوِيَ أن النبـيَّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ خَلا بماريةَ في يومَ عائشةَ وعلمتْ بذلكَ حفصةُ فقالَ لها اكتُمِي عليَّ فقدْ حرمتُ ماريةَ على نفسِي وأُبشركِ أن أبا بكرٍ وعمرَ يملكانِ بعدِي أمرَ أُمتي فأخبرتْ بهِ عائشةَ وكانَتا متصادقتين، وقيلَ خَلا بها في يومِ حفصةَ فأرضاهَا بذلكَ واستكتَمَها فلم تكتُمْ فطلَّقَها واعتزلَ نساءَهُ فنزلَ جبريلُ عليهِ السلامُ فقالَ راجعْها فإنَّها صوَّامةٌ قوامةٌ وإنها لمنْ نسائِكَ في الجَنَّةِ ورُوِيَ أنَّه عليهِ الصلاةُ والسلامُ شربَ عسلاً في بـيتِ زينبَ بنت جحشٍ فتواطأتْ عائشةُ وحفصةُ فقالتَا نشمُّ منكَ ريحَ المغافيرِ وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يكرهُ التفلَ فحرَّم العسلَ فنزلتْ فمعناهُ لمَ تحرمُ ما أحلَّ الله لكَ منْ ملكِ اليمينِ أو منَ العسلِ { تَبْتَغِى مَرْضَاتِ أَزْوَٰجِكَ } إما تفسيرٌ لتحرِّمُ أو حالٌ من فاعلِه أو استئنافٌ ببـيانِ ما دعاهُ إليهِ مُؤْذِنٌ بعدمِ صلاحيتِهِ لذلكَ { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } مبالغٌ في الغفرانِ قد غفرَ لكَ هذهِ الزلةَ { رَّحِيمٌ } قد رحمَكَ ولم يؤاخِذْكَ بهِ وإنما عاتبكَ محاماةً على عصمتِك { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } أي شرعَ لكُم تحليلَهَا وهو حَلُّ ما عقدَهُ بالكفارةِ أو بالاستثناءِ متصلاً حتَّى لا يحنثَ والأولُ هو المرادُ منها { وَٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } سيدكُم ومتولِّي أُمورِكُم { وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ } بما يُصلحكُم فيشرعُه لكُم { ٱلْحَكِيمُ } المتقنُ في أفعالِهِ وأحكامِهِ فلا يأمرُكُم ولا ينهاكُمْ إلا حسبما تقتضيهِ الحكمةُ { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ } وهي حفصةُ { حَدِيثاً } أي حديثَ تحريمِ ماريةَ أو العسلِ أو أمرِ الخلافةِ { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } أي أخبرتْ حفصةُ عائشةَ بالحديثِ وأفشته إليهَا وقُرِىءَ أنبأتْ بهِ { وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } أي أطلعَ الله تعالَى النبـيَّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ على إفشاءِ حفصةَ { عَرَّفَ } أي النبـيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ حفصةَ { بَعْضَهُ } بعضَ الحديثِ الذي أفشَتْهُ. قيلَ هو حديثُ الإمامةِ رُوِيَ أنَّه عليهِ الصلاةُ والسلامُ قالَ لها ألم أقل لكِ اكتَمِي عليَّ قالت: والذي بعثكَ بالحقِّ ما ملكتُ نفسي فرحاً بالكرامةِ التي خصَّ الله تعالَى بهَا أباهَا { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي عن تعريفِ بعضٍ تكرماً، قيلَ هو حديثُ ماريةَ { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ } أي أخبرَ النبـيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ حفصةَ بما عرفَهُ من الحديثِ { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا } أي إفشاءَهَا للحديثِ { قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } الذي لا تَخْفَى عليهِ خافيةٌ.