التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢٦
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ
٢٧
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
٢٨
قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢٩
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ
٣٠
-الملك

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ } أي العلمُ بوقتِهِ { عَندَ ٱللَّهِ } عزَّ وجلَّ لا يطلعُ عليهِ غيرُهُ كقولِهِ تعالَى: { { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى } [سورة الأعراف، الآية 187] { وَإِنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أنذركُم وقوعَ الموعودِ لا محالةَ وأما العلمُ بوقتِ وقوعِهِ فليسَ من وظائفِ الإنذارِ. والفاءُ في قولِه تعالَى:

{ فَلَمَّا رَأَوْهُ } فصيحةٌ معربةٌ عن تقديرِ جملتينِ، وترتيبِ الشرطيةِ عليهِمَا، كأنَّه قيلَ وقد أتاهُم الموعودُ فرأَوهُ فلمَّا رَأَوهُ إلى آخره كما مرَّ تحقيقُهُ في قولِهِ تعالَى: { { فَلَمَّا رَءاهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ } [سورة النمل، الآية 40] إلاَّ أنَّ المقدرَ هُناكَ أمرٌ واقعٌ مرتبٌ على ما قبلَهُ بالفاءِ وهَهُنَا أمرٌ منزلٌ منزلةَ الواقعِ واردٌ على طريقةِ الاستئنافِ. وقولُهُ تعالَى: { زُلْفَةً } حالٌ من مفعولِ رَأَوْا، إمَّا بتقديرِ المضافِ أيْ ذَا زُلفةٍ وقربٍ، أو على أنَّه مصدرٌ بمَعْنَى الفاعلِ أي مُزدَلِفاً، أو على أنَّه مصدرٌ نُعتَ بهِ مبالغةً، أو ظرفٌ أيْ رَأَوهُ في مكانٍ ذِي زُلفةٍ { سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بأنْ غشِيَتْهَا الكآبةُ ورهَقَهَا القَترُ والذلةُ، ووضعُ الموصولِ موضعَ ضميرِهِم لذمِّهِم بالكُفرِ وتعليلِ المساءةِ بهِ { وَقِيلَ } توبـيخاً لهم وتشديداً لعذابِهِم { هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } أي تطلبُونَهُ في الدُّنيا وتستعجلونَهُ إنكاراً واستهزاءً على أنَّه تفتعلونَ من الدعاءِ، وقيلَ هو من الدَّعْوَى أي تدَّعُونَ أنْ لا بعثَ ولا حشرَ. وقُرِىءَ تَدْعُون، هَذا وقَدْ رُوِيَ عن مجاهدٍ أن الموعودَ عذابُ يومِ بدرٍ. وهُو بعيدٌ.

{ قُلْ أَرَءيْتُمْ } أي أخبروني { إِنْ أَهْلَكَنِىَ ٱللَّهُ } أي أماتَنِي، والتعبـيرُ عنه بالإهلاكِ لما كانُوا يدعُون عليهِ صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنينَ بالهلاكِ { وَمَن مَّعِىَ } من المؤمنينَ { أَوْ رَحِمَنَا } بتأخيرِ آجالِنَا فنحنُ في جوارِ رحمَتِهِ متربصونَ لإحدَى الحُسنيـينِ { فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَـٰفِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } أي لا ينجِّيكُم منهُ أحدٌ مِتنا أو بَقِينا، ووضعُ الكافرينَ موضعَ ضميرِهِم للتسجيلِ عليهِم بالكفرِ، وتعليلِ نَفي الإنجاءِ بهِ { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ } أي الذي أدعُوكم إلى عبادَتِهِ مُولِي النعمِ كُلِّها { ءَامَنَا بِهِ } وحدَهُ لَمَّا علمنَا أنَّ كلَّ ما سواهُ إما نعمةٌ أو منعَمٌ عليهِ { وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } لا على غيرِهِ أصلاً لعلِمنا بأنَّ ما عداهُ كائناً ما كانَ بمعزلٍ من النفعِ والضُّرِّ { فَسَتَعْلَمُونَ } عن قريبٍ البتةَ { مَنْ هُوَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } منَّا ومنكُم. وقُرِىءَ فسيعلمُونَ بالياءِ التحتانيةِ { قُلْ أَرَءيْتُمْ } أي أخبرونِي { إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً } أي غائراً في الأرضِ بالكليةِ وقيلَ بحيثُ لا تنالُهُ الدِّلاءُ، وهو مصدرٌ وُصِفَ بِهِ. { فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ } جارٍ، أو ظاهرٍ سهلِ المأخذِ.

عن النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: " "مَنْ قَرَأَ سُورةَ المُلكِ فكأنَّهُ أحيَا ليلةَ القَدرِ" .