التفاسير

< >
عرض

فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ
٢٠
فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ
٢١
أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ
٢٢
فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ
٢٣
أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ
٢٤
وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ
٢٥
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ
٢٦
-القلم

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } كالبستانِ الذي صُرمتْ ثمارُه بحيثُ لم يبقَ منها شيءٌ، فعيلٌ بمَعْنَى مفعولٍ، وقيلَ كالليلِ أي احترقتْ فاسودَّتْ، وقيلَ كالنَّهارِ أي يبستْ وابـيضتْ، سُمِّيا بذلكَ لأنَّ كلاً منهُما ينصرمُ عن صاحبِهِ، وقيلَ الصَّريمُ الرمالُ { فَتَنَادَوْاْ } أي نادَى بعضُهُم بعضاً { مُّصْبِحِينَ } داخلينَ في الصباحِ { أَنِ ٱغْدُواْ } أي اغدُوا على أنَّ أنْ مفسرةٌ أو بأنِ اغدُوا على أنَّها مصدريةٌ أي اخرجُوا غُدوةً { عَلَىٰ حَرْثِكُمْ } بستانِكُم وضَيعتِكُم، وتعديةُ الغدوِّ بعَلَى لتضمينِه مَعْنَى الإقبالِ أو الاستيلاءِ { إِن كُنتُمْ صَـٰرِمِينَ } قاصدينَ للصَّرمِ { فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَـٰفَتُونَ } أي يتشاورُون فيما بـينَهُم بطريقِ المُخافتةِ وخَفيَ وخَفتَ وخَفَدَ ثلاثتُهَا في مَعْنَى الكتمِ ومنْهُ الخُفْدودُ للخُفَّاشِ { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا } أي الجنةَ { ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مّسْكِينٌ } أنْ مفسرةٌ لما في التخافتِ من مَعْنَى القولِ. وقُرِىءَ بطرحِهَا على إضمارِ القولِ والمرادُ بنهيِ المسكينِ عن الدخولِ المبالغةُ في النهيِ عن تمكينِه من الدخولِ كقولِهِم لا أرينَّكَ هَهُنا { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَـٰدِرِينَ } أي على نكدٍ لا غيرِ من حاردتِ السَّنةُ إذَا لم يكُنْ فيها مطرٌ وحاردتِ الإبلُ إذا منعتْ دَرَّهَا، والمَعْنَى أنَّهم أرادُوا أنْ يتنكدُوا على المساكينِ ويحرمُوهُم وهم قادرونَ على نفعِهِم فغَدوا بحالٍ لا يقدرونَ فيها إلا على النكدِ والحرمانِ وذلكَ أنَّهُم طلبُوا حرمانَ المساكينِ فتعجلُوا الحرمانَ والمسكنَةَ أوْ وغَدَوا على مُحاردةِ جَنَّتِهِم وذهابِ خيرِهَا قادرينَ بدلَ كونِهِم قادرينَ على إصابةِ خيرِهَا ومنافِعِهَا أي غَدَوا حاصلينَ على النكدِ والحرمانِ مكانَ كونِهِم قادرينَ على الانتفاعِ، وقيلَ الحردِ الحردِ وقدْ قُرِىءَ بذلكَ أي لم يقدرُوا إلا على حنقِ بعضِهِم لبعضٍ لقولِه تعالَى: { { يَتَلَـٰوَمُونَ } [سورة القلم، الآية 30] وقيل الحرْدُ القصدُ والسرعةُ أي غَدَوا قاصدينَ إلى جنتهِم بسرعةٍ قادرينَ عند أنفسِهِم على صِرامِهَا وقيلَ هو علمٌ للجنةِ.

{ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُواْ } في بديهةِ رؤيتِهِم { إِنَّا لَضَالُّونَ } أي طريقَ جنتِنَا وما هيَ بهَا.