التفاسير

< >
عرض

مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ
٢٨
هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
٢٩
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
٣٠
ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ
٣١
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ
٣٢
إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ
٣٣
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣٤
فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
٣٥
وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
-الحاقة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ مَا أَغْنَىٰ عَنّى مَالِيَهْ } ما لي من المالِ والأتباعِ على أنَّ ما نافيةٌ والمفعولُ محذوفٌ أو استفهاميةٌ للإنكارِ أيْ أيُّ شيءٍ أغْنَى عنِّي ما كانَ لي من اليسارِ. { هَلَكَ عَنّى سُلْطَـٰنِيَهْ } أي مُلكِي وتسلُّطِي على الناسِ أو حُجتي التي كنتُ أحتجُّ بها في الدُّنيا أو تسلطي على القُوَى والآلاتِ فعجزتُ عن استعمالِهَا في العِبَاداتِ.

{ خُذُوهُ } حكايةٌ لما يقولُهُ الله تعالَى يومئذٍ لخزنةِ النارِ { فَغُلُّوهُ } أي شُدوه بالأغلالِ { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } أي لا تُصلُّوه إلا الجحيمَ وهي النارُ العظيمةُ ليكونَ الجزاءُ على وفقِ المعصيةِ حيثُ كانَ يتعاظمُ على الناسِ { ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا } أي طولُهَا { سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاْسْلُكُوهُ } فأدخلُوه فيها بأنْ تلفّوهَا على جسدِهِ فهو فيما بـينَهَا مرهقٌ لا يستطيعُ حَراكاً ما وتقديمُ السلسلةِ كتقديمِ الجحيمِ للدلالةِ على الاختصاصِ والاهتمامِ بذكرِ ألوانِ ما يعذبُ بهِ وثمَّ لتفاوتِ ما بـينَ الغُلِّ والتصليةِ وما بـينهُمَا وبـينَ السلكِ في السلسلةِ في الشدَّةِ. { إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ } تعليلٌ بطريقِ الاستئنافِ التحقيقيِّ ووصفُه تعالَى بالعِظَمِ للإيذانِ بأنَّه المُستحقُّ للعظمةِ فحسبُ، فمَنْ نسبَها إلى نفسِهِ استحقَّ أعظمَ العُقوباتِ { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } ولا يحثُّ على بذلِ طعامِهِ أوْ عَلَى إطعامِهِ فضلاً أنْ يبذلَ مِن مالِهِ، وقيلَ ذُكِرَ الحضُّ للتنبـيهِ على أنَّ تاركَ الحضِّ بهذهِ المنزلةِ فما ظنُّكَ بتاركِ الفعلِ، وفيهِ دلالةٌ على أنَّ الكفارَ مخاطبونَ بالفروعِ في حقِّ المُؤاخذةِ. قالُوا تخصيصُ الأمرينِ بالذكرِ لما أنَّ أقبحَ العقائدِ الكفرُ وأشنعَ الرذائلِ البخلُ وَقَسوةُ القلبِ. { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَـٰهُنَا حَمِيمٌ } أي قريبٌ يَحميهِ ويدفعُ عنْهُ ويحزَنُ عليهِ لأنَّ أولياءَهُ يتحامونَهُ ويُفرُّونَ منْهُ { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } أي من غُسالةِ أهلِ النارِ وصديدِهِم فِعلين من الغُسْلِ.