التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ
٥
وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ
٦
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ
٧
فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ
٨
وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ
٩
-الحاقة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } أي بالواقعةِ المجاوزةِ للحدِّ، وهيَ الصِّيحةُ أو الرَّاجفةُ { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } أي شديدةِ الصَّوتِ لها صرصرةٌ، أو شديدةُ البردِ تحرقُ ببردِهَا { عَاتِيَةٍ } شديدةِ العصفِ كأنَّها عتتْ على خُزَّانِهَا فلم يتمكنُوا من ضبطِهَا أو على عادٍ فلم يقدرُوا على ردِّها. وقولُهُ تعالَى: { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ } الخ استئنافٌ جىءَ بهِ بـياناً ليكفيةِ إهلاكِهِم بالريحِ أي سلَّطها الله عليهِم بقدرتِه القاهرةِ { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَـٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } أي متتابعاتٍ، جمعُ حاسمٍ كشهودٍ جمعُ شاهدٍ من حسمتُ الدابةُ إذا تابعتُ بـين كيِّها أو نحساتٌ حسمتْ كلَّ خيرٍ واستأصلتهُ أو قاطعاتٌ قطعتْ دابرَهُم، ويجوزُ أنْ يكونَ مصدراً منتصباً على العلةِ بمعنى قطعاً أو عَلى المصدرِ لفعلِهِ المقدرِ حالاً أي تحسمُهُم حُسوماً، ويؤيدُه القراءةُ بالفتحِ. وهيَ كانتْ أيامَ العجوزِ من صبـيحةِ أربعاءَ إلى غروبِ الأربعاءِ الآخرِ، وإنَّما سُمِّيتْ عجُوزاً لأنَّ عجُوزاً من عادٍ توارتْ في سِرْبٍ فانتزعتْهَا الريحُ في اليومِ الثامنِ فأهلكَتْهَا، وقيلَ هي أيامُ العجزِ وهيَ آخرُ الشتاءِ وأسماؤُها الصِنُّ والصِّنَّبرُ والوبرُ والآمرُ والمؤتمرُ والمعللُ ومطفىءُ الجَمْرِ وقيلَ ومُكفىءُ الظعنِ. { فَتَرَى ٱلْقَوْمَ } إنْ كنتَ حاضراً حينئذٍ { فِيهَا } في مهابِّها أو في تلكَ الليالِي والأيامِ { صَرْعَىٰ } مَوْتَى جمعُ صريعٍ { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ } أي أصولُ نخلٍ { خَاوِيَةٍ } متآكلةِ الأجوافِ.

{ فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مّن بَاقِيَةٍ } أي بقيةٍ أو نفسٍ باقيةٍ أو بقاءٍ على أنَّها مصدرٌ كالكاذبةِ والطاغيةِ. { وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ } أيْ ومَنْ تقدَّمهُ. وقُرِىءَ ومَنْ قبلَهُ أيْ ومَنْ عندَهُ من أتباعِهِ، ويؤيدُهُ أنَّه قُرِىءَ ومَنْ مَعَهُ { وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ } أي قُرِىءَ قومٍ لوطٍ أي أهلُهَا { بِالْخَاطِئَةِ } بالخطإِ أو بالفعلةِ أو الأفعالِ ذاتِ الخطإِ التي من جُمْلتِهَا تكذيبُ البعثِ والقيامةِ.