التفاسير

< >
عرض

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
١٣٣
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ
١٣٤
-الأعراف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ } عقوبةً لجرائمهم لا سيما لقولهم هذا { ٱلطُّوفَانَ } أي الماءَ الذي طاف بهم وغشِيَ أماكنَهم وحروثَهم من مطر أو سَيل، وقيل: هو الجُدَريّ. وقيل: المَوَتان. وقيل: الطاعون { وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ } قيل: هو كبارُ القردان وقيل: أولادُ الجراد قبل نباتِ أجنحتِها { وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ } رُوي أنهم مُطروا ثمانيةَ أيام في ظلمة شديدةٍ لا يستطيع أن يخرُج أحدٌ من بـيته ودخل الماءُ بـيوتَهم حتى قاموا فيه إلى تراقيهم ولم يدخل بـيوتَ بني إسرائيلَ منه قطرةٌ وهي في خلال بـيوتِهم وفاض الماءُ على أرضهم وركدَ فمنعَهم من الحرْث والتصرّف ودام ذلك سبعةَ أيام فقالوا له عليه الصلاة والسلام: ادعُ لنا ربك يكشفْ عنا ونحن نؤمنُ بك فدعا فكُشف عنهم فنبت من العشب والكلأ ما لم يُعهَدْ قبله، ولم يؤمنوا فبعث الله عليهم الجرادَ فأكل زروعَهم وثمارَهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابَهم ففزِعوا إليه عليه الصلاة والسلام لما ذكر فخرج إلى الصحراء وأشار بعصاه نحو المشرقِ والمغربِ فرجعت إلى النواحي التي جاءت منها فلم يؤمنوا فسلط الله تعالى عليهم القُمّلَ فأكل ما أبقته الجرادُ وكان يقع في أطعمتهم ويدخُل بـين ثيابهم وجلودِهم فيمُصّها ففزِعوا إليه ثالثاً فرفع عنهم فقالوا: قد تحققنا الآن أنك ساحرٌ ثم أرسل الله عليهم الضفادع بحيث لا يكشف ثوبٌ ولا طعام إلا وجدت فيه وكانت تمتلىء منها مضاجعُهم وتثب إلى قدورهم وهي تغلي وإلى أفواههم عند التكلم ففزعوا إليه رابعاً وتضرعوا فأخذ عليهم العُهود فدعا فكشف الله عنهم فنقضوا العهدَ فأرسل الله عليهم الدمَ فصارت مياههم دماءً حتى كان يجتمع القِبطيُّ والإسرائيليُّ على إناء فيكون ما يليه دماً وما يلي الإسرائيليّ ماءً على حاله ويمص من فم الإسرائيليِّ فيصير دماً في فيه، وقيل: سلط الله عليهم الرُّعاف { ءايَـٰتٍ } حال من المنصوبات المذكورة { مّفَصَّلاَتٍ } مبـينات لا يشكل على عاقل أنها آيات الله تعالى ونقمته وقيل: مفرقات بعضها من بعض لامتحان أحوالهم وكان بـين كل آيتين منها شهر وكان امتداد كل واحدة منها أسبوعاً وقيل: إنه عليه السلام لبث فيهم بعد ما غلب السحرة عشرين سنة يريهم هذه الآيات على مهل { فَٱسْتَكْبَرُواْ } أي عن الإيمان بها { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } جملة معترضة مقررة لمضمون ما قبلها.

{ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرّجْزُ } أي العذاب المذكور على التفصيل فاللامُ للجنس المنتظمِ لكل واحدةٍ من الآيات المفصلة، أي كلما وقع عليهم عقوبةٌ من تلك العقوبات قالوا في كل مرة { قَالُواْ يا مُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } أي بعهده عندك وهو النبوةُ أو بالذي عهِد إليك أن تدعوَه فيجيبَك كما أجابك في آياتك، وهو صلةٌ لادْعُ أو حالٌ من الضمير فيه، بمعنى ادعُ الله متوسلاً إليه بما عهد عندك، أو متعلقٌ بمحذوف دل عليه التماسُهم، مثلُ أسعِفْنا إلى ما نطلب بحق ما عندك أو قسم أجيب بقوله تعالى: { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرّجْزَ } الذي وقع علينا { لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِى إِسْرٰءيلَ } أي أقسَمْنا بعهد الله عندك لئن كشفت الخ.