التفاسير

< >
عرض

نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ
١٦
تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ
١٧
وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ
١٨
إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً
١٩
إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً
٢٠
وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً
٢١
إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ
٢٢
ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ
٢٣
وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ
٢٤
-المعارج

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ نَزَّاعَةً لّلشَّوَىٰ } نُصب على الاختصاصِ، أو حالٌ مؤكدةٌ والشَّوى الأطرافُ أو جمعُ شواةٍ وهي جلدةُ الرأسِ. وقُرِىءَ نزاعةٌ بالرفعِ على أنَّهُ خبرٌ ثانٍ لأنَّ أو هُو الخبرُ ولَظَى بدلٌ من الضميرِ، أو الضميرُ للقصةِ ولَظَى مبتدأٌ ونزّاعةٌ خبرُهُ { تَدْعُواْ } أي تجذُب وتُحضر وقيلَ تدعُو وتقولُ لهم إليَّ إليَّ يا كافرُ يا منافقُ وقيل تدعُو المنافقينَ والكافرينَ بلسانٍ فصيحٍ ثم تلتقطُهُم التقاطَ الحبِّ، وقيلَ تدعُو تُهلكُ، وقيلَ تدعُو زبانيتَهَا { مَنْ أَدْبَرَ } أي عنِ الحقِّ { وَتَوَلَّىٰ } أعرضَ عن الطاعةِ { وَجَمَعَ فَأَوْعَى } أي جمعَ المالَ فجعلَهُ في وعاءٍ وكنزَهُ ولم يؤدِ زكاتَهُ وحقوقَهُ وتشاغلَ بهِ عن الدينِ وزَهَى باقتنائِهِ حرصاً وتأميلاً { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعاً } الهَلَعَ سرعةُ الجزعِ عند مسِّ المكروهِ وسرعةُ المنعِ عند مسِّ الخيرِ وقد فسَّرهُ أحسنَ تفسيرٍ قولُهُ تعالَى: { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ } أي الفقرُ والمرضُ ونحوهُما { جَزُوعاً } أي مبالغاً في الجزعِ مُكثراً منْهُ { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ } أي السَّعةُ والصحةُ { مَنُوعاً } مبالغاً في المنعِ والإمساكِ. والأوصافُ الثلاثةُ أحوالٌ مقدرةٌ أو محققةٌ لأنها طبائعُ جُبلَ الإنسانُ علَيها. وإذَا الأولى ظرفٌ لجزوعَا والثانيةُ لمنوعَا { إِلاَّ ٱلْمُصَلّينَ } استثناءٌ للمتصفينَ بالنعوتِ الجليلةِ الآتيةِ من المطبوعينَ على القبائحِ الماضيةِ لأنباءِ نعوتِهِم عن الاستغراقِ في طاعةِ الحقِّ والإشفاقِ على الخلقِ والإيمانِ بالجزاءِ والخوفِ من العقوبةِ وكسرِ الشهوةِ وإيثارِ الآجلِ على العاجلِ على خلافِ القبائحِ المذكورةِ الناشئةِ من الانهماكِ في حبِّ العاجلةِ وقصرِ النظرِ عليهِ.

{ ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ } لا يشغلهُم عنها شاغلٌ { وَٱلَّذِينَ فِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } أي نصيبٌ معينٌ يستوجبونَهُ على أنفسِهِم تقرباً إلى الله تعالَى وإشفاقاً على النَّاسِ من الزكاةِ المفروضةِ والصدقاتِ الموظفةِ.