التفاسير

< >
عرض

فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً
٥
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً
٦
وَنَرَاهُ قَرِيباً
٧
يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ
٨
-المعارج

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

قولُه تعالَى: { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } متعلقٌ بسألَ لأنَّ السؤالَ كانَ عن استهزاءٍ وتعنتٍ وتكذيبٍ بالوحيِ، وذلكَ ممَّا يُضجره عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أو كانَ عن تضجرٍ واستبطاءٍ للنصرِ، أو بسألَ سائلٌ أو سالَ سيلٌ فمعناهُ جاءَ العذابُ لقُربِ وقوعِهِ فقد شارفتَ الانتقامَ. { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ } أيِ العذابَ الواقعَ أو يومَ القيامةِ على تقديرِ تعلقِ «في يومٍ» بواقعٍ { بَعِيداً } أي يستبعدونَهُ بطريقِ الإحالةِ فلذلكَ يسألونَ بهِ { وَنَرَاهُ قَرِيباً } هيناً في قُدرتِنَا غيرَ بعيدٍ علينا ولا متعذرٍ على أنَّ البُعدَ والقُربَ معتبرانِ بالنسبةِ إلى الإمكانِ. والجملةُ تعليلٌ للأمرِ بالصبرِ. وقولُه تعالَى: { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَاء كَٱلْمُهْلِ } متعلقٌ بقريباً أيْ يمكنُ ولا يتعذرُ في ذلكَ اليومِ أو بمضمرٍ دلَّ عليهِ واقعٍ أو بمضمرٍ مؤخرٍ، أي يومَ تكونُ السماءُ كالمهلِ الخ يكونُ من الأحوالِ والأهوالِ ما لا يُوصفُ، أو بدلٌ منْ في يومٍ على تقديرِ تعلقِهِ بواقعٍ. هذا ما قالُوا ولعلَّ الأقربَ أنَّ قولَهُ تعالَى سأل سائلٌ حكايةٌ لسؤالِهِم المعهودِ على طريقةِ قولِهِ تعالَى: { { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } [سورة الأعراف، الآية 187] وقولِهِ تعالَى: { { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } [سورة يونس، الآية48] ونحوهِما إذْ هُو المعهودُ بالوقوعِ على الكافرينَ لا ما دَعَا بهِ النضرُ أو أبُو جهلٍ أو الفهريُّ فالسؤالُ بمعناهُ والباءُ بمَعْنَى عنْ كَما في قولِهِ تعالَى: { { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } [سورة الفرقان، الآية 59] وقولُه تعالَى: { { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } [سورة المعارج، الآية 2] الخ استئنافٌ مسوقٌ لبـيانِ وقوعِ المسؤولِ عنهُ لا محالةَ وقولُهُ تعالَى: { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } [سورة المعارج، الآية 5] مترتبٌ عليهِ وقولُه تعالَى: { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً } [سورة المعارج، الآية 6، 7] تعليلٌ للأمرِ بالصبرِ كما ذُكِرَ. وقولُهُ تعالَى: { يَوْمَ تَكُونُ } [سورة المعارج، الآية 8] الخ متعلقٌ بليسَ له دافعٌ أو بما يدلُّ هو عليهِ أي يقعُ يومَ تكونُ السماءُ كالمهلِ، وهو ما أُذيبَ على مَهَلٍ من الفلزاتِ وقيلَ دُرْدِيُّ الزيتِ.