التفاسير

< >
عرض

وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ
٩
وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً
١٠
يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ
١١
وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
١٢
وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ
١٣
وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ
١٤
كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ
١٥
-المعارج

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } كالصوفِ المصبوغِ ألواناً لاختلافِ ألوانِ الجبالِ منها { { جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ } [سورة فاطر، الآية 27] فإذا بُسَّتْ وطيّرتْ في الجوِّ أشبهتِ العهنَ المنفوشَ إذَا طيرته الريحُ { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } أي لا يسألُ قريبٌ قريباً عن أحوالِهِ ولا يُكلمه لابتلاءِ كلَ منهُم بما يشغلُهُ عن ذلكَ. وقُرِىءَ على البناءِ للمفعولِ، أيْ لا يُطلبُ منْ حميمٍ حميمٌ أو لا يسألُ منْهُ حالةٌ. { يُبَصَّرُونَهُمْ } أي يُبصِرُ الأحماءُ الأحماءَ فلا يخفَونَ عليهم وما يمنعُهُم من التساؤلِ إلا تشاغلُهُم بحالِ أنفسِهِم، وقيلَ ما يُغني عنهُ من مشاهدةِ الحالِ كبـياضِ الوجهِ وسوادِهِ، والأولُ أدخلُ في التهويلِ. وجمعَ الضميرينِ لعمومِ الحميمِ. وقُرِىءَ يُبْصِرُونَهُمْ، والجملةُ استئنافٌ { يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ } أي يتمنَّى الكافرُ وقيلَ كلُّ مذنبٍ. وقولُهُ تعالَى: { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ } أي العذابَ الذي ابتلُوا بهِ يومئذٍ { بِبَنِيهِ * وَصَـٰحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } حكايةٌ لودادتِهِم. ولوُ في مَعْنَى التمنِّي، وقيلَ هي بمنزلةِ أنِ الناصبةِ فلا يكونُ لها جوابٌ وينسبكُ منهَا وممَّا بعدَها مصدرٌ يقعُ مفعولاً ليودُّ والتقديرُ يودُّ افتداءَهُ ببنيهِ الخ. والجملةُ استئنافٌ لبـيانِ أنَّ اشتغالَ كلِّ مجرمٍ بنفسِهِ بلغَ إلى حيثُ يتمنَّى أن يفتدي بأقربِ الناسِ إليهِ وأعلقِهِم بقلبِهِ فضلاً أن يهتمَّ بحالِهِ ويسألَ عَنْهَا. وقُرِىءَ يومَئذٍ بالفتحِ على البناءِ للإضافةِ إلى غيرِ متمكنٍ، وبتنوينِ عذابٍ ونصبِ يومئذٍ وانتصابُهُ بعذابٍ لأنَّه في مَعْنَى تعذيبٍ.

{ وَفَصِيلَتِهِ } أي عشيرتِهِ التي فُصِلَ عنهُم { ٱلَّتِى تُؤْويِهِ } أي تَضمنُهُ في النسبِ أو عندَ الشدائدِ { وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } من الثقلينِ والخلائقِ ومَنْ للتغليبِ { ثُمَّ يُنجِيهِ } عطفٌ على يفتدِي أو يودُّ لو يفتدِي ثم لو ينجِيهِ الافتداءُ، وثمَّ لاستبعادِ الإنجاءِ، يعني يتمنَّى لو كانَ هؤلاءِ جميعاً تحتَ يدِه وبذلَهُم في فداءِ نفسِهِ ثمَّ ينجيهِ ذلكَ وهيهاتَ { كَلاَّ } ردعٌ للمجرمِ عن الودادةِ وتصريحٌ بامتناعِ إنجاءِ الافتداءِ، وضميرُ { إنَّهَا } إما للنارِ المدلولِ عليها بذكرِ العذابِ أو هو مبهمٌ تُرجَمَ عند الخبرِ الذي هُو قولُهُ تعالَى: { لَظَىٰ } وهي علمٌ للنارِ منقولٌ منَ اللَّظى بمَعْنَى اللهبِ.