التفاسير

< >
عرض

إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً
٧
وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً
٨
رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً
٩
وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً
١٠
وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً
١١
إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً
١٢
وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً
١٣
-المزمل

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ إِنَّ لَكَ فِى ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } أي تقلباً وتصرفاً في مهمَّاتِك واشتغالاً بشواغلك فلا تستطيعُ أن تتفرغَ للعبادةِ فعليكَ بها في الليلِ وهذا بـيانٌ للداعي الخارجي إلى قيامِ الليلِ بعدَ بـيانِ ما في نفسِه من الدَّاعي. وقُرِىءَ سَبْخاً أي تقرقَ قلبٍ بالشواغلِ مستعارٌ من سبخِ الصوفِ وهو نفشُه ونشرُ أجزائِه. { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبّكَ } ودُمْ على ذِكرِه تعالى ليلاً ونهاراً على أيِّ وجهٍ كانَ من تسبـيحٍ وتهليلٍ وتحميدٍ وصلاة وقراءةِ قُرآنِ ودراسةِ علمٍ. { وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ } أيْ وانقطعْ إليهِ بمجامعِ الهمةِ واستغراقِ العزيمةِ في مراقبتِه، وحيثُ لم يكن ذلك إلا بتجريدِ نفسهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن العوائقِ الصَّادةِ عن مراقبةِ الله تعالى وقطعِ العلائقِ عمَّا سواهُ قيلَ: { تَبْتِيلاً } مكان تبتلاً مع ما فيهِ من رعايةِ الفواصلِ.

{ رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ } مرفوعٌ على المدح وقيلَ: على الابتداءه، خبرُهُ: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } وقُرِىءَ بالجرِّ على أنَّه بدلُ من ربِّكَ، وقيلَ: على إضمار حرفِ القسمِ جوابُه لا إلٰه إلاَّ هُو. والفاءُ في قوله تعالى: { فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } لترتيب الأمرِ وموجبهِ على اختصاصِ الألوهيةِ والربوبـيةِ به تعالَى: { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } مما لا خيرَ فيه منَ الخُرافاتِ { وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } بأنْ تجانبَهم وتداريَهم ولا تكافئَهم وتكلَ أمورَهُم إلى ربِّهم كما يعربُ عنه قولُه تَعالَى: { وَذَرْنِى وَٱلْمُكَذّبِينَ } أي دعني وإيَّاهم وكلْ أمرَهُم إليَّ فإنِّي أكفيكَهُمْ { أُوْلِى ٱلنَّعْمَةِ } أربابِ التنعمِ وهم صناديدُ قريشٍ { وَمَهّلْهُمْ قَلِيلاً }زماناً قليلاً { إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً } جمعُ نِكْلٍ وهو القيدُ الثقيلُ. والجملةُ تعليلٌ للأمرِ أيْ إنَّ لدينا أموراً مضادة لتنعمهِم { وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } ينشَبُ في الحُلوقِ ولا يكادُ يُسَاغُ كالضَّريعِ والزقُّوم { وَعَذَاباً أَلِيماً } ونوعاً آخرَ من العذابِ مُؤلماً لا يُقادرُ ولا يُدْرك كنهه، كلُّ ذلك معدٌّ لهم ومرصدٌ.