التفاسير

< >
عرض

ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
١١
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً
١٢
وَبَنِينَ شُهُوداً
١٣
وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً
١٤
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ
١٥
-المدثر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } حَالٌ إمَّا منَ الياءِ أيْ ذرني وَحديِ معَهُ فَإنِّي أكفيكَهُ في الانتقامِ منْهُ أو منَ التاءِ أي خلقتُهُ وَحْدِي لَمْ يُشركني فِي خلقِه أحدٌ أو منَ العائدِ المحذوفِ أيْ وَمَنْ خلقتُه وحيداً فريداً لا مالَ لَهُ وَلاَ ولدٌ، وقيلَ: نزلت في الوليدِ بنِ المغيرةِ المخزومي وكانَ يلقبُ في قومِه الوحيدَ فهو تهكمٌ به وبلقبِه وصرفٌ لهُ عنْ الغرضِ الذي يؤمونَهُ من مدحِه إلى جهةِ ذمهِ بكونهِ وحيداً من المَالِ والولدِ أو وحيداً من أبـيهِ لأنَّه كانَ زنيماً كما مَرَّ أوْ وَحيداً في الشَّرارةِ { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } مبسوطاً كثيراً أو ممداً بالنماءِ من مَدَّ النهرٌ ومدَّهُ نهرٌ آخرُ، قيلَ: كانَ لَهُ الضرعُ والزرعُ والتجارةُ. وعنِ ابنِ عبَّاس رضيَ الله عنْهما هُوَ ما كانَ لَه بـينَ مكةَ والطائفِ من صنوفِ الأموالِ، وقيلَ: كانَ لَهُ بالطائفِ بستانٌ لا ينقطعُ ثمارُهُ صيفاً وشتاءً. وقالَ ابن عباسٍ ومجاهدٌ وسعيدُ بنُ جُبـيرٍ كانَ لَهُ ألفُ دينارٍ وقالَ قَتَادةُ: ستةُ آلافِ دينار، وقال سفيان الثوري: أربعة آلاف دينار، وقال الثوريُّ أيضاً: ألف ألف دينار.

{ وَبَنِينَ شُهُوداً } حضوراً معَهُ بمكةَ يتمتعُ بمشاهدتِهم لا يفارقونَهُ للتصرف في عملٍ أو تجارةٍ لكونِهم مكفيـينَ لوفورِ نعمِهم وكثرةِ خدمِهم أو حضوراً فِي الأنديةِ والمحافلِ لوجاهتِهم واعتبارِهم قيلَ: كانَ له عشرةُ بنينَ وقيلَ: ثلاثةَ عشرَ وقيلَ: سبعةٌ كلُّهم رجالٌ الوليدُ بن الوليد وخالدٌ وعمارةٌ وهشامٌ والعاصُ والقيسُ وعبدُ شمسٍ أسلَم منهْم ثلاثةٌ خالدٌ وهشامٌ وعمارةُ { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } وبسطتُ لهُ الرياسةَ والجاهَ العريضُ حَتَّى لقبَ ريحانةَ قريشٍ { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } عَلى ما أوتيهِ وهو استبعادٌ واستنكارٌ لطمِعه وحرصِه إما لأنهُ لا مزيدَ عَلى ما أُوتيَ سعة وكثرةً أو لأنَّه منافٍ لما هُوَ عليهِ منْ كُفرانِ النعمِ ومعاندةِ المنعمِ وقيلَ: إنَّه كانَ يقول إن كان محمدٌ صادقاً فما خُلقتْ الجنةُ إِلاَّ لِي.