التفاسير

< >
عرض

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٢٤
أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً
٢٥
أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً
٢٦
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً
٢٧
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٢٨
ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
٢٩
ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ
٣٠
-المرسلات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } بقدرتِنا على ذلكَ أو على الإعادةِ { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } الكِفاتُ اسمُ مَا يكْفِتُ أيْ يضمُّ ويجمعُ من كفتَ الشيءَ إذا ضمَّه وجمعَهُ كالضِّمامِ والجِماعِ لما يضمُّ ويجمعُ أي ألم نجعلْها كِفاتاً تكفتُ { أَحْيَاء } كثيرةً على ظهرها { وَأَمْوٰتاً } غيرَ محصورةٍ في بطنِها وقيلَ هُو مصدرٌ نُعِتَ به للمبالغةِ، وقيلَ جمعُ كافتٍ كصائمٍ وصيامٍ، أو كِفت وهو الوعاءُ أجرى على الأرض باعتبار بقاعها، وقيل: تنكيرُ أحياءً وأمواتاً لأنَّ أحياءَ الإنسِ وأمواتَهم بعضُ الأحياءِ والأمواتِ، وقيلَ: انتصابُهما على الحاليةِ من محذوفٍ أي كفاتاً تكفتكُم أحياءٌ وأمواتاً { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ } أي ثوابتَ { شَـٰمِخَـٰتٍ } طوالاً شواهقَ، ووصفُ جمعِ المذكِر بجمعِ المؤنثِ في غيرِ العقلاءِ مُطَّردٌ كداجنٍ ودواجنٍ وأشهرٌ معلوماتٌ وتنكيرُها للتفخيمِ أو للإشعارِ بأنَّ فيها ما لم يُعرفْ { وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّاء فُرَاتاً } بأنْ خلقنَا فيها أنهاراً ومنابعَ.

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } بأمثالِ هذه النعمِ العظيمةِ { ٱنطَلِقُواْ } أي يقالُ لهم يومئذٍ للتوبـيخِ وللتقريعِ انطلقُوا { إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } في الدُّنيا من العذابِ { ٱنطَلِقُواْ } خُصوصاً { إِلَىٰ ظِلّ } أي ظِل دُخانِ جهنَّمَ، كقولِه تعالَى: { { وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ } [سورة الواقعة، الآية 43] وقُرِىءَ انطَلقُوا على لفظِ الماضِي إخباراً بعدَ الأمرِ عن عملِهم بموجبِ لاضطرارِهم إليه طوعاً أو كرهاً. { ذِى ثَلَـٰثِ شُعَبٍ } يتشعبُ لعِظمه ثلاثَ شُعبٍ كَما هُو شأنُ الدُّخانِ العظيمِ، تراهُ يتفرقُ ذوائبَ وقيلَ: يخرجُ لسانٌ من النار فيحيطُ بالكفارِ كالسُّرادقِ ويتشعبُ من دُخَانِها ثلاثُ شعبٍ فتظلهُم حتى يُفرغَ من حسابِهم والمؤمنونَ في ظلَ العرشِ، قيلَ: خُصوصيةُ الثلاثِ إما لأنَّ حجابَ النفسِ عن أنوارِ القدسِ الحسُّ والخيالُ والوهمُ أو لأنَّ المؤدِّي إلى هذا العذابِ هوا القوةُ الوهميةُ الشيطانيةُ الحَّالةُ في الدماغِ والقوةُ الغضبـيةُ السبعيةُ التي عن يمينِ القلبِ والقوةُ الشهويةُ البهيميةُ التي عن يسارِه ولذلكَ قيلَ: تقفُ شعبةٌ فوقَ الكافرِ وشعبةٌ عن يمينِه وشعبةٌ عن يسارِه.