التفاسير

< >
عرض

فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ
٣٩
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٠
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ
٤١
وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ
٤٢
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٤٣
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
٤٤
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٥
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ
٤٦
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٧
وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ
٤٨
-المرسلات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } فإن جميعَ من كنتُم تقلدونهم وتقتدونَ بهم حاضرونَ وهذا تقريعٌ لهم على كيدِهم للمؤمنينَ في الدُّنيا وإظهارٌ لعجزِهم { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } حيثُ ظهرَ أنْ لا حيلةَ لهم في الخلاصِ من العذابِ.

{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } من الكفرِ والتكذيبِ { فِى ظِلَـٰلٍ وَعُيُونٍ * وَفَوٰكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ } أي مستقرونَ في فنونِ الترفِه وأنواعِ التنعمِ { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } مقدرٌ بقولٍ هو حالٌ من ضمير المتقينَ في الخبر أي مقولاً لهم كلُوا واشربُوا هنيئاً بما كنتُم تعملونَهُ في الدُّنيا من الأعمال الصالحةِ { إِنَّا كَذَلِكَ } الجزاءِ العظيمِ { نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } أيْ في عقائدِهم وأعمالِهم لا جزاءً أَدْنَى منْهُ { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } حيثُ نالَ أعداؤُهم هذا الثوابَ الجزيلَ وهُم بقُوا في العذاب المخلَّدِ الوبـيلِ { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } مقدرٌ بقولٍ هو حالٌ من المكذبـينَ أي الويلُ ثابتٌ لهم مقولاً لهم ذلكَ تذكيراً لهم بحالِهم في الدُّنيا وبما جنَوا على أنفسِهم من إيثارِ المتاعِ الفانِي عن قريبٍ على النعيمِ الخالدِ وعللَ وذلكَ بإجرامِهم دلالةً على أنَّ كلَّ مجرمٍ مآلهُ هَذا، وقيلَ: هو كلامٌ متسأنفٌ خُوطبَ به المكذبونَ في الدُّنيا بعدَ بـيان مآلِ حالِهم وقررَ ذلكَ بقولِه تعالى:

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } لزيادة التوبـيخِ والتقريعِ { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ } أي أطيعُوا الله واخشعُوا وتواضعُوا له بقبولِ وحيهِ واتباعِ دينهِ وارفضُوا هذا الاستكبارَ والنخوةَ { لاَ يَرْكَعُونَ } لا يخشعُون ولا يقبلُون ذلكَ ويصرونَ على ما هُم عليهِ من الاستكبارِ، وقيلَ: إذَا أُمروا بالصَّلاةِ أو الركوعِ لا يفعلونَ إذْ رُويَ أنه نزلَ حينَ أُمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثقيفاً بالصَّلاةِ فقالُوا لا نَجبى فإنَّها مسبَّةً علينا فقالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "لا خيرَ في دينٍ ليس فيه ركوعٌ ولا سجودٌ" وقيلَ: هُو يومَ القيامةِ حينَ يُدعونَ إلى السجودِ فَلا يستطيعونَ.