التفاسير

< >
عرض

فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً
٣٠
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً
٣١
حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً
٣٢
وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً
٣٣
وَكَأْساً دِهَاقاً
٣٤
لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً
٣٥
جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً
٣٦
-النبأ

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالى: { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } مسببٌ عن كفرِهم بالحسابِ وتكذيبِهم بالآياتِ، وفي الالتفاتِ المنبىءِ عن التشديدِ في التهديدِ وإيرادِ لَنْ المفيدةِ لكونِ تركِ الزيادةِ من قبـيلِ ما لا يدخلُ تحتَ الصحةِ من الدلالةِ على تبالغِ الغضبِ ما لا يَخْفى وقد رُويَ عنِ النبـيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّ هذهِ الآيةِ أشدُّ ما في القرآنِ على أهلِ النَّارِ. { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } شروعٌ في بـيانِ محاسنِ أحوالِ المؤمنينَ إثرَ بـيانِ سوءِ أحوالِ الكفرةِ أي إنَّ للذينَ يتقونَ الكفرَ وسائرَ قبائحِ أعمالِ الكفرةِ فوزاً وظفراً بمباغيهم أو موضعَ فوزٍ وقيلَ: نجاةً ممَّا فيه أولئكَ أو موضعَ نجاةٍ. وقولُه تعالى: { حَدَائِقَ وَأَعْنَـٰباً } أيْ بساتينَ فيها أنواعٌ الأشجارِ المثمرةِ وكروماً بدلٌ منْ مفازاً.

{ وَكَوَاعِبَ } أي نساءٌ فلكتْ ثُديهنَّ وهُنَّ النَّواهدُ { أَتْرَاباً } أي لداتٍ { وَكَأْساً دِهَاقاً } أي مُترعةً يقال أدهقَ الحوضَ أي ملأهُ { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا } أي في الجنةِ وقيل: في الكأسِ { لَغْواً وَلاَ كِذباً } أي لا ينطقونَ بلغوٍ ولا يكذبُ بعضُهم بعضاً. وقُرِىءَ كِذاباً بالتخفيفِ أي لا يكذبُه أو لا يكاذبُه { جَزَاء مّن رَّبّكَ } مصدرٌ مؤكدٌ منصوبٌ بمعنى أنَّ للمتقينَ مفازاً فإنه في قوةِ أنْ يقالَ جازَى المتقينَ بمفازٍ جزاءً كائناً من ربِّك والتعرضُ لعنوانِ الربوبـيةِ المنبئةِ عن التبليغِ إلى الكمالِ شيئاً فشيئاً مع الإضافةِ إلى ضميرِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مزيدُ تشريفٍ لهُ صلى الله عليه وسلم { عَطَاءً } أي تفضلاً وإحساناً منه تعالَى إذْ لا يجبُ عليهِ شيءٌ وهو بدلٌ من جزاءً { حِسَاباً } صفةٌ لعطاءً بمعنى كافياً على أنَّه مصدرٌ أقيمَ مقامَ الوصفِ أو بُولغَ فيه من أحسبهُ الشيءُ إذا كفاهُ حتَّى قال حَسْبـي وقيلَ: على حسبِ أعمالِهم وقُرىءَ حِسَّاباً بالتشديدِ على أنَّه بمعْنى المُحسبِ كالدارك بمعنى المدركِ.