التفاسير

< >
عرض

مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ
٣٣
فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ
٣٤
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ
٣٥
-النازعات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقوله تعالى: { مَتَـٰعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ } إما مفعولٌ لهُ أي فعلَ ذلكَ تمتيعاً لكُم ولأنعامِكم لأنَّ فائدةَ ما ذُكرَ من البسطِ والتمهيدِ وإخراجِ الماءِ والمَرْعى واصلةٌ إليهم وإلى أنعامِهم فإن المرادَ بالمَرْعى ما يعمُّ ما يأكلُه الإنسانُ وغيرُه بناءً على استعارةِ الرَّعي لتناولِ المأكولِ على الإطلاقِ كاستعارةِ المرسنِ للأنفِ. وقيلَ: مصدرٌ مؤكدٌ لفعلِه المضمرِ أي متَّعكُم بذلكَ متاعاً أو مصدرٌ من غير لفظِه فإنَّ قولَه تعالَى: { { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَـٰهَا } [سورة النازعات، الآية 31] في معنى متَّع بذلكَ وقوله تعالى: { فَإِذَا جَاءتِ ٱلطَّامَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } أي الداهيةُ العُظمى التي تطمُّ على سائرِ الطاماتِ أي تعلُوها وتغلبُها وهي القيامةُ أو النفخةُ الثانيةُ وقيلَ: هي الساعةُ التي يُساقُ فيها الخَلائقُ إلى محشرِهم وقيلَ: التي يُساقُ فيها أهلُ الجنةِ إلى الجنةِ وأهلُ النارِ إلى النارِ شروعٌ في بـيانِ أحوالِ معادِهم إثرَ بـيانِ أحوالِ معاشِهم بقولِه تعالى: { { مَتَـٰعاً لَّكُمْ } [سورة المائدة، الآية 96] الخ، والفاءُ للدلالة على ترتب ما بعدَها على ما قبلَها عما قليلٍ كما ينبىءُ عنه لفظُ المتاعِ { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ } قيلَ: هو بدلٌ من إذَا جاءتْ والأظهرُ أنه منصوبٌ بأَعْنِي كما قيلَ تفسيراً للطامةِ الكُبرى فإن الإبدالَ منها بالظرف المحضِ مما يُوهن تعلقَها بالجوابِ ويجوزُ أن يكونَ بدلاً من الطامةِ الكُبرى مفتوحاً لإضافتِه إلى الفعلِ على رأي الكوفيـينَ أي يتذكرُ فيه كلُّ أحدٍ ما عملَهُ من خيرٍ أو شرَ بأنْ يشاهدَهُ مدوناً في صحيفةِ أعمالِه وقد كانَ نسيَهُ من فرطِ الغفلةِ وطولِ الأمدِ كقولِه تعالى: { { أَحْصَـٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ } [سورة المجادلة، الآية 6] ويجوزُ أنْ تكونَ ما مصدريةً.