التفاسير

< >
عرض

لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٣٧
قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ
٣٨
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣٩
وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ
٤٠
-الأنفال

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيّبِ } أي الكافر من المؤمن، أو الفسادَ من الصلاح واللامُ متعلقةٌ بـيحشرون أو بـيغلبون أو ما أنفقه المشركون في عداوته صلى الله عليه وسلم مما أنفقه المسلمون في نُصرته واللامُ متعلقةٌ بقوله: ثم تكون عليهم حسرةً وقرىء ليُميِّز بالتشديد { وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } أي يضم بعضَه إلى بعض حتى يتراكموا لفرط ازدحامِهم فيجمعه أو يضم إلى الكافر ما أنفقه ليزيد به عذابَه كما للكافرين { فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ } كلَّه.

{ أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إلى الخبـيث إذ هو عبارةٌ عن الفريق أو إلى المنفقين، وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد درجتِهم في الخبث { هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } الكاملون في الخسران لأنهم خسِروا أنفسَهم وأموالَهم.

{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } هم أبو سفيانَ وأصحابُه أي قل لأجلهم { إِن يَنتَهُواْ } عما هم فيه من معاداة النبـيِّ صلى الله عليه وسلم بالدخول في الإسلام { يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } من الذنوب وقرىء إن تنتهوا يُغفرْ لكم ويَغفِرْ لكم على البناء للفاعل وهو الله تعالى { وَإِن يَعُودُواْ } إلى قتالهم { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } الذين تحزّبوا على الأنبـياء عليهم السلام بالتدمير كما جرى على أهل بدر فليتوقعوا مثلَ ذلك { وَقَـٰتِلُوهُمْ } عطف على قل، وقد عُمّم الخطابُ لزيادة ترغيبِ المؤمنين في القتال لتحقيق ما يتضمنه قولُه تعالى: { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } من الوعيد { حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فَتَنَّـٰهُ } أي لا يوجَدَ منهم شركٌ { وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ } وتضمحِلَّ الأديانُ الباطلةُ إما بإهلاك أهلِها جميعاً أو برجوعهم عنها خشية القتل { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } عن الكفر بقتالكم { فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامِهم، وقرىء بتاء الخطاب أي بما تعملون من الجهاد المُخرِجِ لهم إلى الإسلام، وتعليقُه بانتهائهم للدلالة على أنهم يثابون بالسببـية كما يثاب المباشِرون بالمباشرة { وَإِن تَوَلَّوْاْ } ولم ينتهوا عن ذلك { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ } ناصرُكم فثِقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ } لا يَضيعُ مَنْ تولاه { وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } لا يُغلب مَنْ نصره.