{ لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيّبِ } أي الكافر من المؤمن، أو الفسادَ من الصلاح واللامُ متعلقةٌ بـيحشرون أو بـيغلبون أو ما أنفقه المشركون في عداوته صلى الله عليه وسلم مما أنفقه المسلمون في نُصرته واللامُ متعلقةٌ بقوله: ثم تكون عليهم حسرةً وقرىء ليُميِّز بالتشديد { وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } أي يضم بعضَه إلى بعض حتى يتراكموا لفرط ازدحامِهم فيجمعه أو يضم إلى الكافر ما أنفقه ليزيد به عذابَه كما للكافرين { فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ } كلَّه.
{ أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إلى الخبـيث إذ هو عبارةٌ عن الفريق أو إلى المنفقين، وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد درجتِهم في الخبث { هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } الكاملون في الخسران لأنهم خسِروا أنفسَهم وأموالَهم.
{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } هم أبو سفيانَ وأصحابُه أي قل لأجلهم { إِن يَنتَهُواْ } عما هم فيه من معاداة النبـيِّ صلى الله عليه وسلم بالدخول في الإسلام { يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } من الذنوب وقرىء إن تنتهوا يُغفرْ لكم ويَغفِرْ لكم على البناء للفاعل وهو الله تعالى { وَإِن يَعُودُواْ } إلى قتالهم { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } الذين تحزّبوا على الأنبـياء عليهم السلام بالتدمير كما جرى على أهل بدر فليتوقعوا مثلَ ذلك { وَقَـٰتِلُوهُمْ } عطف على قل، وقد عُمّم الخطابُ لزيادة ترغيبِ المؤمنين في القتال لتحقيق ما يتضمنه قولُه تعالى: { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } من الوعيد { حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فَتَنَّـٰهُ } أي لا يوجَدَ منهم شركٌ { وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ } وتضمحِلَّ الأديانُ الباطلةُ إما بإهلاك أهلِها جميعاً أو برجوعهم عنها خشية القتل { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } عن الكفر بقتالكم { فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامِهم، وقرىء بتاء الخطاب أي بما تعملون من الجهاد المُخرِجِ لهم إلى الإسلام، وتعليقُه بانتهائهم للدلالة على أنهم يثابون بالسببـية كما يثاب المباشِرون بالمباشرة { وَإِن تَوَلَّوْاْ } ولم ينتهوا عن ذلك { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ } ناصرُكم فثِقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ } لا يَضيعُ مَنْ تولاه { وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } لا يُغلب مَنْ نصره.