التفاسير

< >
عرض

فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ
١٣
مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ
١٤
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ
١٥
-عبس

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالَى: { فَى صُحُفٍ } متعلقٌ بمضمرٍ هُو صفةٌ لتذكرةٌ وما بـينهما اعتراضٌ جِيء بهِ للترغيبِ فيها والحثِّ على حفظِها أي كائنةٌ في صحفٍ منتسخةٍ من اللوحِ أو خبرٌ ثانٍ لأنَّ { مُّكَرَّمَةٍ } عندَ الله عزَّ وجلَّ { مَّرْفُوعَةٍ } أي في السماءِ السابعةِ، أو مرفوعةِ المقدارِ والذكرِ { مُّطَهَّرَةٍ } منزهةٍ عن مساسِ أيدِي الشياطينِ.

{ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ } أي كتبةٍ من الملائكةِ ينتسخونَ الكتبَ من اللوحِ على أنه جمعُ سافرٍ من السفرِ وهو الكتبِ وقيل: بأيدِي رسلٍ من الملائكةِ يسفرونَ بالوحْي بـينَهُ تعالَى وبـين الأنبـياءِ على أنه جمعُ سفيرٍ من السفارةِ وحملُهم على الأنبـياءِ عليهم السلامُ بعيدٌ فإن وظيفتَهم التلقِّي من الوَحْي لا الكتبُ منه وإرشادُ الأمةِ بالأمرِ والنَّهي وتعليمُ الشرائعِ والأحكامِ لا مجردُ السفارةِ إليهم وكذَا حملُهم على القراءِ لقراءتِهم الأسفارَ أو على أصحابِه عليه الصلاةُ والسلامُ وقد قالُوا: هذه اللفظةُ مختصةٌ بالملائكةِ لا تكادُ تطلقُ على غيرِهم وإن جازَ الإطلاقُ بحسبِ اللغةِ والباءُ متعلقةٌ بمطهرةٍ. قال القَفَّالُ: لما لم يمسَّها إلا الملائكةُ المطهرونَ أضيفَ التطهيرُ إليها لطهارة من يمسُّها، وقال القرطبـيُّ: إن المرادَ بما في قوله تعالى: { { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } [سورة الواقعة، الآية 79] هؤلاء السفرةُ الكرامُ البررةُ.