التفاسير

< >
عرض

إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ
١
وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ
٢
وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ
٣
-التكوير

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مكية وآيُها تسع وعشرون

{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوّرَتْ } أي لُفَّتْ من كَوَّرتَ العمامةَ إذا لففتَها، على أَنَّ المرادَ بذلكَ إمَّا رفعُها وإزالتُها منْ مقرِّها فإنَّ الثوبَ إذا أُريدَ رفعُهُ يُلفُّ لفاً ويُطْوى، ونحُوه قولُه تعَالَى: { { يَوْمَ نَطْوِى ٱلسَّمَاء } [سورة الأنبياء، الآية 104] وإمَّا لَفُّ ضوئِها المنبسطِ في الآفاقِ المُنتشرِ في الأقطارِ، على أنَّه عبارةٌ عنْ إزالتها والذهابِ بها بحكمِ استلزامِ زوالِ اللازمِ لزوالِ الملزومِ أو ألقيتْ عن فلكها كَما وُصفتِ النجومُ بالانكدارِ من طعنَهُ فكوَّرَهُ إذا ألقاهُ عَلى الأرضِ. وعن أبـي صالحِ كُورتْ نُكِّستْ وعن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا تكويرُهُا إدخالُها في العرشِ. ومدارُ التركيبِ على الإدارةِ والجمعِ. وارتفاعُ الشمسِ على أنَّه فاعلٌ لفعلٍ مضمرٍ يُفسِّرُه المذكورُ وعندَ البعضِ عَلى الابتداءِ. { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } أي انقضَّتْ وَقيلَ: تناثرتْ وَتساقطتْ. رُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُمَا أنَّه لا يَبْقَى يومئذٍ نجمٌ إلا سقطَ في الأرضِ، وعنْهُ رضيَ الله عنْهُ أنَّ النُّجومَ قناديلُ معلقةٌ بـينَ السماءِ والأرضِ بسلاسلَ منْ نورٍ بأيدي ملائكةٍ من نورٍ فإذَا ماتَ منْ في السمواتِ ومنْ في الأرضِ تساقطتْ من أيديهم وقيلَ: انكدارُها انطماسُ نُورِها ويُروَى أنَّ الشمسَ والنجومَ تُطرحُ في جهنَم ليراهَا مَنْ عبدَها كما قالَ: { { إنكُم وما تعبدونَ من دونِ الله حصبُ جهنَم } [سورة الأنبياء، الآية 98] { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيّرَتْ } أيْ عنْ أماكنِها بالرجفة الحاصلةِ لا في الجوِّ فإنَّ ذلكَ بعدَ النفخة الثانيةِ.