التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ
٤
وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ
٥
وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ
٦
وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ
٧
وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ
٨
بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ
٩
-التكوير

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِذَا ٱلْعِشَارُ } جمعُ عُشَراءَ وهيَ الناقةُ التي أتى على حملِها عشرةُ أشهرٍ، وهو اسمُها إلى أنْ تضعَ لتمامِ السنةِ وهي أنفسُ ما يكونُ عندَ أهلِها وأعزُّها عليهمْ. { عُطّلَتْ } تُرِكتْ مهملةً لاشتغالِ أهلِها بأنفسِهم، وقيلَ العشارُ السحائبُ فإنَّ العربَ تُشبهها بالحامل ومنهُ قولُه تعالىَ: { { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } [سورة الذاريات، الآية 2]. وتعطيلُها عدمُ إمطارِها وقُرِىءَ عُطِلَتْ بالتخفيفِ. { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } أي جُمعتْ من كلِّ جانبٍ وقيلَ: بُعثتْ للقصاصِ. قالَ قتادةُ يُحشرُ كلُّ شيءٍ حتَّى الذبابُ للقصاصِ فإذَا قُضِيَ بـينَها رُدَّتْ تُراباً فلا يَبقْى منها إلا ما فيهِ سرورٌ لبني آدمَ وإعجابٌ بصورتِه كالطاووسِ ونحوِه. وقُرِىءَ حُشِّرَتْ بالتشديدِ { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجّرَتْ } أي أُحميَتْ أو مُلئتْ بتفجيرِ بعضِها إلى بعضٍ حتَّى تعودَ بحراً واحداً. من سجَّر التنورَ إذا ملأَهُ بالحطبِ ليحميَهُ وقيلَ: مُلئتْ نيراناً تضطرمُ بهَا لتعذيب أهلِ النارِ، وعن الحسنِ يذهبُ ماؤُها حتَّى لا يبقى فيها قطرةٌ. وقُرِىءَ سُجِرَتْ بالتخفيفِ.

{ وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوّجَتْ } أي قُرِنتْ بأجسادها أو قُرِنتْ كلُّ نفسٍ بشكلِها أو بكتابِها أو بعملِها أو نفوسُ المؤمنينَ بالحُورِ، ونفوسُ الكافرينَ بالشياطين { وَإِذَا ٱلْمَوءُدَةُ } أي المدفونة حيةً وكانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق أو لحوقِ العارِ بهم من أجلهنَّ، قيلَ: كانَ الرجلُ منهُم إذَا وُلِدتْ له بنتٌ ألبسها جُبَّةً من صُوفٍ أو شَعَرٍ حَتَّى إذَا بلغتْ ستَّ سنينَ ذهبَ بها إلى الصحراءِ وقد حفرَ لها حُفرةً فيُلقيها فيهَا ويُهيلُ عليها الترابَ وقيلَ: كانتِ الحاملُ إذا قربتْ حفرتْ حُفرةً فتمخضتْ على رأسِ الحُفرةِ فإذا ولدتْ بنتاً رمتْ بهَا وإنْ ولدتْ ابناً حبستْهُ { سُئِلَتْ * بِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } توجيهُ السؤالِ إليهَا لتسليتِها وإظهارِ كمالِ الغيظِ والسَّخطِ لوائدها وإسقاطِه عن درجةِ الخطابِ والمبالغةِ في تبكيتِه كما في قولِه تعالى: { { أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى وَأُمّىَ إِلَـٰهَيْنِ } [سورة المائدة، الآية 116] وقُرىءَ سَأَلتْ أي خاصمتْ أو سألتِ الله تعالَى أو قاتِلَها وإنما قيلَ: قُتلتْ لما أنَّ الكلامَ إخبارٌ عنها لا حكايةٌ لما خُوطبتْ بهِ حينَ سُئلتْ ليقالَ قُتِلْتِ على الخطابِ ولا حكايةٌ لكلامِها حينَ سَألتْ ليقالَ قُتِلْتُ على الحكايةِ عن نفِسها. وقد قُرِىءَ كذلكَ وبالتشديدِ أيضاً وعن ابن عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما أنه سُئِلَ عن أطفالِ المشركينَ فقالَ لا يُعذَّبون واحتجَّ بهذهِ الآيةِ.