التفاسير

< >
عرض

إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ
١
وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ
٢
وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ
٣
وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ
٤
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ
٥
-الانفطار

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مكية وآيها تسع عشرة

{ إِذَا ٱلسَّمَاء ٱنفَطَرَتْ } أي انشقتْ لنزول الملائكةِ، كقولِه تعالَى: { { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ وَنُزّلَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ تَنزِيلاً } [سورة الفرقان، الآية 25] وقولُه تعالى: { { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوٰباً } [سورة النبأ، الآية 19] والكلامُ في ارتفاع السماءِ كما مرَّ في ارتفاعِ الشمسِ { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } أي تساقطتْ متفرقةً { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجّرَتْ } فُتحَ بعضُها إلى بعضٍ فاختلطَ العذبُ بالأُجاجِ وزالَ ما بـينهما من البرزخ الحاجزِ وصارتِ البحارُ بَحْراً واحِداً ورُويَ أن الأرضَ تنشفُ الماءَ بعد امتلاءِ البحارِ فتصيرُ مستويةً وهو مَعْنى التسجيرِ عند الحسنِ رضيَ الله عنه، وقيلَ: إنَّ مياه البحارِ الآنَ راكدةٌ مجتمعةٌ فإذَا فجرتْ تفرقتْ وذهبتْ وقُرِىءَ فُجِرَتْ بالتخفيفِ مبنياً للمفعولِ وَمبنياً للفاعلِ أيضاً بمْعَنى بغتْ من الفجورِ نظراً إلى قولِه تعالى { { لاَّ يَبْغِيَانِ } [سورة الرحمن، الآية 20] { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } أي قُلبَ ترابُها وأُخرجَ موتاهَا ونظيرُه بَحْثر لفظاً ومَعْنى وهُما مركبانِ من البعثِ والبحثِ مع راءٍ ضُمَّتْ إليهمَا. وقولُه تعالى: { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } جوابُ إذا لكنْ لاَ على أنَّها تعلمُه عندَ البعثِ بل عند نشرِ الصحفِ لما عرفتَ من أنَّ المرادَ بها زمانٌ واحدٌ مبدؤُه النفخةُ الأُولى ومنتهاهُ الفصلُ بـينَ الخلائقِ لا أزمنةٌ حسب تعددِ كلمةِ إذَا وإنما كُررتْ لتهويلِ ما في حيزهَا من الدَّواهِي، والكلامُ فيَها كالذي مرَّ تفصيلُه في نظيرِهما ومَعْنى ما قَدَّم وأخَّر ما أسلفَ من عملِ خيرٍ أو شرَ وأخَّر من سُنَّةٍ حسنةٍ أو سيئةٍ يُعملُ بها بعدَهُ قالَه ابنُ عباسٍ وابنُ مسعودٍ، وعن ابن عباسٍ أيضاً ما قدمَ منْ معصيةٍ وأخَّر من طاعةٍ وهو قولُ قتادةٍ وقيلَ: ما قدمَ من أمواله لنفسه وما أخَّر لورثته، وقبل ما قدَّم من فرض وأخَّر من فرض، وقيل: أولُ عملِه وآخرُهُ ومعنى علمِها بهما علمُها التفصيليُّ حسبما ذُكِرَ فيَما مرَّ مراراً.