التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
٧
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
٨
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
٩
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٠
ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
١١
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
١٢
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣
-المطففين

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ كَلاَّ } ردعٌ عما كانُوا عليهِ من التطفيفِ والغفلةِ عن البعثِ والحسابِ وقوله تعالى: { إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلْفُجَّارِ لَفِى سِجّينٍ } الخ. تعليل للردع أو وجوب الارتداعِ بطريقِ التحقيقِ وسجينٌ علمٌ لكتابٍ جامعٍ هو ديوانُ الشرِّ دْوّنَ فيه أعمالُ الشياطينِ وأعمالُ الكفرةِ والفسقةِ من الثقلينِ، منقولٌ من وصفٍ كحاتمٍ، وأصلُه فِعِّيلٌ من السجنِ وهو الحبسُ والتضيـيقُ لأنَّه سببُ الحبسِ والتضيـيقِ في جهنَمَ أو لأنَّه مطروحٌ كما قيلَ تحتَ الأرضِ السابعةِ في مكانٍ مُظلمٍ موحشٍ وهو مسكنُ إبليسَ وذريتِه فالمَعْنى أنَّ كتابَ الفجَّارِ الذينَ من جُمْلتِهم المطففونَ أي ما يكتبُ من أعمالِهم أو كتابةَ أعمالِهم لفي ذلكَ الكتابِ المُدونِ فيه قبائحُ أعمالِ المذكورينَ. وقولُه تعالَى: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ } تهويلٌ لأمرِه أي هُو بحيثُ لا يبلغه درايةُ أحدٍ. وقولُه تعالى: { كِتَـٰبٌ مَّرْقُومٌ } أي مسطورٌ بـينُ الكتابةِ أو معلَّمٌ يعلُم مَنْ رآهُ أنه لا خيرَ فيه وقيلَ: هو اسمُ المكانِ والتقديرُ ما كتابُ السجينِ أو محلُّ كتابٍ مرقومٍ. وقولُه تعالى: { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } متصلٌ بقولِه تعالى: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وما بـينهما اعتراضٌ وقولُه تعالى: { ٱلَّذِينَ يُكَذّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدّينِ } إما مجرورٌ على أنه صفةٌ ذامةٌ للمكذبـينَ أو بدلٌ منه أو مرفوعٌ أو منصوبٌ على الذمِّ.

{ وَمَا يُكَذّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ } أي متجاوزِ عن حدودِ النَّظرِ والاعتبارِ غالٍ في التقليدِ حتَّى استقصرَ قُدرةَ الله تعالى وعلمَهُ عنِ الإعادةِ مع مشاهدتِه للبدءِ { أَثِيمٍ } أي منهمكٍ في الشهواتِ المخدجةِ الفانيةِ بحيثُ شغلتْهُ عمَّا وراءَها منَ اللذاتِ التامةِ الباقيةِ وحملتْه على إنكارِها. { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءايَـٰتُنَا } الناطقةُ بذلكَ { قَالَ } من فرطِ جهلهِ وإعراضِه عن الحقِّ الذي لا محيدَ عنْهُ { أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي هي حكاياتُ الأولينَ قال الكلبـيُّ المرادُ بالمُعتدي الأثيمِ هو الوليدُ بنُ المغيرةِ، وقيلَ: النَّضرُ بنُ الحارثِ، وقيلَ عامٌّ لكلِّ منَ اتصفَ بالأوصافِ المذكورةِ، وقُرِىءَ إذَا يُتلى بتذكيرِ الفعلِ، وقُرِىءَ أَإِذَا تُتلى على الاستفهامِ الإنكاريِّ.