التفاسير

< >
عرض

يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ
٢١
إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ
٢٢
عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ
٢٣
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ
٢٤
يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ
٢٥
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ
٢٦
-المطففين

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالَى:

{ يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } صفةٌ أُخرى لكتابَ أي يحضرونَهُ ويحفظونَهُ أو يشهدونَ بما فيه يومَ القيامةِ. { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ } شروعٌ في بـيانِ محاسنِ أحوالِهم إثرَ بـيانِ حالِ كتابِهم على طريقةِ ما مرَّ في شأن الفجَّارِ { عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } أي على الأسرةِ في الحجالِ ولا يكادُ تطلقُ الأريكةُ على السريرِ عندهم إلا عندَ كونِه في الحَجَلةِ { يُنظَرُونَ } أي إلى ما شاءوا مدَّ أعينِهم إليه من رغائب مناظرِ الجنةِ وإلى ما أولاهُم الله تعالى من النعمةِ والكرامةِ وإلى أعدائهم يعذبونَ في النارِ وما تحجبُ الحجالُ أبصارَهُم عن الإدراك.

{ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } أي بهجةَ التنعمِ وماءَهُ ورونَقُه. والخطابُ لكلِّ أحدٍ ممَّن له حظٌ منَ الخطابِ للإيذانِ بأنَّ ما لَهم من آثارِ النعمةِ وأحكامِ البهجةِ بحيثُ لا يختصُّ برؤيةِ راءٍ دُونَ راءٍ { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ } شرابٍ خالصٍ لا غشَّ فيهِ. { مَّخْتُومٍ * خِتَـٰمُهُ مِسْكٌ } أي مختومٌ أوانيه وأكوابُه بالمسكِ مكانَ الطينِ ولعلَّه تمثيلٌ لكمالِ نفاستِه، وقيل: ختامُه مسكٌ أي مقطعُه رائحةُ مسكٍ. وقُرِىءَ خَاتَمهُ بفتحِ التاء وكسرِها أي ما يُختم به ويُقطع. { وَفِى ذَلِكَ } إشارةٌ إلى الرحيقِ وهو الأنسبُ لما بعدَهُ أو إلى ما ذُكرَ من أحوالِهم. وما فيهِ من مَعْنى البُعدِ إما للإشعارِ بعلوِّ مرتبتِه وبُعد منزلتِه أو لكونِه في الجنةِ أي في ذلكَ خاصَّةً دونَ غيرِه { فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَـٰفِسُونَ } أي فليرغبْ الراغبونَ بالمبادرة إلى طاعة الله وقيلَ: فليعملِ العاملونَ كقولِه تعالى: { { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } [سورة الصافات، الآية 61] وقيل: فليستبقِ المستبقونَ وأصلُ التنافسِ التغالبُ في الشيء النفيسِ وأصلُه من النفس لعزتها قال الواحديُّ: نفستُ الشيءَ أنفسُه نفاسةً، والتنافسُ تفاعلٌ منه كأنَّ كلَّ واحدٍ من الشخصينِ يريدُ أنْ يستأثرَ به. وقال البغويُّ: وأصلُه من الشيءِ النفيسِ الذي يحرصُ عليه نفوسُ الناسِ ويريدُه كلُّ أحدٍ لنفسِه وينفسُ به على غيرِه أي يضنّ بهِ.