التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ
٢١
بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ
٢٢
وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ
٢٣
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٢٤
إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
٢٥
-الانشقاق

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالى: { وَإِذَا قُرِىء عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْءانُ لاَ يَسْجُدُونَ } جملةٌ شرطيةٌ محلُّها النصبُ عَلى الحاليةِ نسقاً على ما قَبلَها أيْ فأيُّ مانعٍ لهم حالُ عدمِ سجودِهم وخضوعِهم واستكانتهم عندَ قراءةِ القُرآنِ، وقيلَ: قرأ النبـيُّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ ذاتَ يومٍ: { { واسجدْ واقتربْ } [سورة العلق، الآية 19] فسجدَ هُو وَمَنْ مَعَهُ من المؤمنينَ وقريشٌ تصفقُ فوقَ رؤوسهم وتصفرْ فنزلتْ وبه احتجَّ أبُو حنيفةٍ رحمَهُ الله تعالَى عَلى وجوبِ السجدةِ وعنِ ابن عبَّاسٍ رضيَ الله عنهما ليسَ في المفصلِ سجدةٌ، وعن أبـي هريرةٍ رضي الله عنهُ أنَّه سجَدَ فيها وقالَ: والله ما سجدتُ إلا بعدَ أن رأيتُ النبـيَّ صلى الله عليه وسلم يسجدُ فيها. وعن أنسٍ رضيَ الله عَنْهُ صليتُ خلفَ أبـي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ رضيَ الله عنهم فسجدُوا وعن الحسنِ هي غيرُ واجبةٍ { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذّبُونَ } بالقرآنِ الناطقِ بما ذُكِرَ من أحوالِ القيامةِ وأهوالِها مع تحققِ موجباتِ تصديقهِ ولذلكَ لا يخضعونَ عندَ تلاوتِه { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } بما يضمرونَ في قلوبِهم ويجمعونَ في صدورِهم من الكفرِ والحسدِ والبغي والبغضاءِ أو بما يجمعونَ في صحفهم من أعمالِ السوءِ ويدخرون لأنفسهم من أنواع العذابِ علماً فعلياً { فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } لأنَّ علمَهُ تعالَى بذلكَ على الوجه المذكورِ موجبٌ لتعذيبهم حتماً { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } استثناءٌ منقطعٌ إنْ جُعلَ الموصولُ عبارةً عن المؤمنينَ كافَّة ومتصلٌ إنْ أريدَ به منْ آمنَ منهمُ بعدَ ذلكَ وقولُه تعالى { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي غيرُ مقطوعٍ أو ممنونٍ به عليهم استئنافٌ مقررٌ لما أفادَهُ الاستثناءُ من انتفاءِ العذابِ عنهم ومبـينٌ لكيفيتهِ ومقارنتِه للثوابِ العظيمِ.

عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: " "منْ قَرَأَ سورةَ انشقتْ أعاذَهُ الله تعالَى أنْ يعطيَهُ كتابَهُ وراءَ ظهرِه" .