التفاسير

< >
عرض

إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ
١
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
٢
وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ
٣
وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ
٤
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
٥
-الانشقاق

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مكية وآيُها خمس وعشرون

{ إِذَا ٱلسَّمَاء ٱنشَقَّتْ } أي بالغمامِ كما في قولِه تعالى: { { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ } [سورة الفرقان، الآية 25] وعن عليَ رضي الله تعالى عنه تنشقُ من المجرةِ { وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا } أي واستمعتْ أي انقادتْ وأذعنتْ لتأثيرِ قُدرتِهِ تعالى حين تعلقتْ إرادتهُ بانشقاقِها انقيادَ المأمورِ المطواعِ إذا وردَ عليه أمرُ الآمرِ المُطاعِ، والتعرضُ لعنوانِ الربوبـيةِ مع الإضافة إليها للإشعارِ بعلةِ الحُكْمِ وهذه الجملةُ ونَظيرتُها الآتيةُ بمنزلة قولِه تعالى: { { أَتَيْنَا طَائِعِينَ } [سورة فصلت، الآية 11] في الإنباء عن كونِ ما نُسبَ إلى السماءِ والأرضِ من الانشقاق والمد وغيرِهما جارياً على مُقْتضَى الحكمةِ كما أُشيرَ إليهِ فيما سلفَ { وَحُقَّتْ } أي جُعلت حقيقةً بالاستماع والانقيادِ لكنْ لا بعدَ أنْ لم تكنْ كذلك بلْ في نفسها وحدِّ ذاتها من قولهم هو محقوقٌ بكَذا وحقيقٌ به والمَعْنى انقادتْ لربِّها وهيَ حقيقةٌ بذلكَ لكنْ لا على أنَّ المرادَ خصوصيةُ ذاتها من بـين سائرِ المقدوراتِ بل خصوصيةُ المقدرةِ القاهرةِ الربانيةِ التي يتأتى لها كلُّ مقدورٍ ولا يتخلفُ عنها أمرٌ من الأمورِ فحقُّ الجملةِ أن تكونَ اعتراضاً مقرراً لما قبلَها لا معطوفةً عليهِ { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } أي بُسطتْ بإزالة جبالِها وآكامِها من مقارِّها وتسويتِها بحيثُ صارتُ قاعاً صفصفاً لا ترَى فيها عوجاً ولا أمتاً أو زيدتْ سعَةً وبسطةً منْ مدَّهُ بمعنى أمدَّه أي زادَهُ { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } أي رمتْ ما في جوفِها من الموتَى والكنوزِ كقولِه تعالى: { { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [سورة الزلزلة، الآية 2] { وَتَخَلَّتْ } وخلتْ عمَّا فيها غايةَ الخلوِّ حتَّى لم يبقَ فيها شيءٌ منه كأنَّها تكلفتْ في ذلكَ أقصَى جُهدِها { وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا } في الإلقاءِ والتخلِّي { وَحُقَّتْ } أيْ وهيَ حقيقةٌ بذلكَ أي شأنُها ذلكَ بالنسبةِ إلى القدرةِ الربانيةِ وتكريرُ كلمةِ إذا معَ اتحادِ الأفعالِ المنسوبةِ إلى السماءِ والأرضِ وقُوعاً في الوقتِ الممتدِّ الذي هُو مدلولُها قد مرَّ سِرُّه فيمَا مَرَّ.