التفاسير

< >
عرض

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ
١٢
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ
١٣
وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ
١٤
ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ
١٥
فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ
١٦
-البروج

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ } استئنافٌ خُوطبَ بهِ النبـيُّ صلى الله عليه وسلم إيذاناً بأنَّ لكفارِ قومِهِ نصيباً موفُوراً منْ مضمونِه كما ينبىءُ عنْهُ التعرضُ لعنوانِ الربوبـيةِ معَ الإضافةِ إلى ضميرِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ والبطشُ الأخذُ بعُنْفٍ وحيثُ وصفَ بالشدةِ فقدْ تضاعفَ وتفاقمَ وهو بطشُه بالجبابرةِ والظلمةَ وَأخذُه إيَّاهُم بالعذابِ والانتقامِ كقولِه تعالَى: { { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [سورة هود، الآية 102] { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىء وَيُعِيدُ } أيْ هُو يُبدْىءُ الخلقِ وَهُوَ يعيدُه مِنْ دَخْلٍ لأحدٍ في شيءٍ منْهُمَا ففيهِ مزيدُ تقريرٍ لشدةِ بطشِه أوُ هُو يبدىءُ البطشَ بالكفرةِ في الدُّنيا وَيعيدُه فِي الآخرةِ { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } لمن تاب وآمنَ { ٱلْوَدُودُ } المحبُّ لمَنْ أطاعَ.

{ ذُو ٱلْعَرْشِ } خالقُه وقيلَ: المرادُ بالعرشِ الملكُ أيْ ذُو السلطنةِ القاهرةِ وقُرِىءَ ذِي العَرشِ عَلى أنَّهُ صفةُ ربِّك { ٱلْمَجِيدِ } العظيمُ في ذاتِه وصفاتِه فإنَّهُ واجبُ الوجودِ تامُّ القُدرةِ كاملُ الحكمةِ وقُرِىءَ بالجرِّ على أنه صفةٌ لربِّكَ أَوْ للعرشِ ومجدُه علوّه وعظمتُه { فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ } بحيثُ لا يتخلفُ عنْ إرادتِه مرادٌ من أفعالِه تعالَى وأفعالِ غيرِه وهو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ.