التفاسير

< >
عرض

وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ
٩
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ
١٠
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ
١١
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ
١٢
وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ
١٣
فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ
١٤
لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى
١٥
ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
١٦
-الليل

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي ما ذكرَ من المعانِي المتلازمِة { فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } أي للخصلةِ المؤديةِ إلى العسرِ والشدةِ كدخولِ النارِ ومقدماتِه لاختيارِه لَها ولعلَّ تصديرَ القسمينِ بالإعطاءِ والبخلِ مع أنَّ كلاً منهما أدْنى رتبةً مما بعدهُما في استتباعِ التيسيرِ لليُسرى والتيسير للعُسرى للإيذانِ بأنَّ كلاً منهما أصلٌ فيما ذكَر لا تتمةٌ لما بعدهُما من التصديقِ والتَّقوى والتكذيبِ والاستغناءِ وتفسيرُ الأولِ بإعطاءِ الطاعةِ والثاني بالبخلِ بما أمرَ مع كونِه خلافَ الظاهرِ يأباهُ قولُه تعالَى:

{ وَمَا يُغْنِى عَنْهُ } أيْ ولا يُغنِي أو أيُّ شيءٍ يُغني عنْهُ { مَالَهُ } الذي يبخلُ به { إِذَا تَرَدَّىٰ } أي هلكَ تفعَّلَ من الرَّدَى الذي هو الهلاكُ أو تردَّى في الحفرةِ إذا قُبرَ أو تردَّى في قعرِ جهنمَ { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } استئنافٌ مقررٌ لما قبله أي إنَّ علينا بموجبِ قضائِنا المبنيِّ على الحكمِ البالغةِ حيث خلقنَا الخلقَ للعبادةِ أن نبـينَ لهم طريقَ الهُدى وما يؤدِّي إليهِ من طريقِ الضلالِ وما يؤدِّي إليه وقد فعلنَا ذلكَ بما لا مزيدَ عليهِ حيثُ بـيَّنا حالَ من سلكَ كلا الطريقينِ ترغيباً وترهيباً ومن هٰهنا تبـينَ أنَّ الهدايةَ هي الدلالةُ على ما يوصلُ إلى البغيةِ لا الدلالةُ الموصلةُ إليها قطعاً { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } أي التصرفَ الكليَّ فيهما كيفما نشاءُ فنفعلُ فيهما ما نشاءُ من الأفعالِ التي من جُملتها ما وعدنَا من التيسيرِ لليُسرى والتيسيرِ للعُسرى وقيلَ: إن لنا كلَّ ما في الدُّنيا والآخرةِ فلا يضرنا تركُكُم الاهتداءَ بهدانَا { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } بحذفِ إحْدى التاءينِ من تتلظَّى أي تتلهبُ وقِرِىءَ على الأصلِ { لاَ يَصْلَـٰهَا } صلياً لازماً { إِلاَّ ٱلأَشْقَى } إلا الكافرُ فإنَّ الفاسقَ لا يصلاهَا صلياً لازماً وقد صرَّحَ به قولُه تعالى: { ٱلَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } أي كذَّبَ بالحقِّ وأعرضَ عن الطاعةِ.