التفاسير

< >
عرض

وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ
١
وَطُورِ سِينِينَ
٢
-التين

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

مكية وقيل: مدنية، وآيُها ثمان

{ وَٱلتّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } هما هذا التينُ وهذا الزيتونُ خصَّهُما الله سبحانَهُ من بـينِ الثمارِ بالإقسامِ بهما لاختصاصِهما بخواصَّ جليلةٍ فإنَّ التينَ فاكهةٌ طيبةٌ لا فُضلَ لهُ وغذاءٌ لطيفٌ سريعُ الهضمِ ودواءٌ كثيرُ النفعِ يلينُ الطبعَ ويحللُ البلغمَ ويطهرُ الكليتينِ ويزيلُ ما في المثانةِ من الرملِ ويسمن البدنَ ويفتحُ سددَ الكبدِ والطِّحالِ. و "رَوَى أبو ذرَ رضيَ الله عنْهُ أنَّه أهدَى للنبـيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ سلٌّ من تينٍ فأكلَ منْهُ وقالَ لأصحابِه: كُلوا فلَو قلتُ إن فاكهةً نزلتْ من الجنةِ لقلتُ هذا لأنَّ فاكهةَ الجنَّةِ بلا عجمَ فكلُوهَا فإنَّها تقطعُ البواسيرَ وتنفعُ منَ النِقرسِ" .

وعَنْ عليِّ بنِ مُوسى الرِّضَا التينُ يزيلُ نكهةَ الفمِ ويطولُ الشعرَ وهُوَ أمانٌ منَ الفالجِ وأما الزيتونُ فهو فاكهةٌ وإدامٌ ودواءٌ ولو لم يكنْ له سِوى اختصاصِه بدهنِ كثيرِ المنافعِ معَ حصولِه في بقاعٍ لا دهنيةَ فيهَا لكَفى به فضلاً وشجرتُه هيَ الشجرةُ المباركةُ المشهودُ لهَا في التنزيلِ. ومرَّ معاذُ بنُ جبلٍ رضيَ الله عنْهُ بشجرةِ الزيتونِ فأخذَ منهَا قضيباً واستاكَ بهِ وقالَ: سمعتُ النبـيَّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يقولُ: "نعمَ السواكُ الزيتونُ من الشجرةِ المباركةِ يطيبُ الفمَ ويذهبُ بالحفرةِ" وسمعتُه يقولُ: "هوَ سواكِي وسواكُ الأنبـياءِ قبلِي" وقيلَ: هما جبلانِ من الأرضِ المقدسةِ يقالُ لهما بالسريانيةِ: طُورتينَا وطورزيتَا لأنهمَا منبِتا التينِ والزيتونِ وقيل: التينُ جبالٌ ما بـينَ حلوانَ وهمدانَ والزيتونُ جبالُ الشامِ لأنهمَا منابتَهما كأنه قيلَ: ومنابتِ التينِ والزيتونِ وَقالَ قَتَادةُ: التينُ الجبلُ الذي عليهِ دمشقُ والزيتونُ الجبلُ الذي عليهِ بـيتُ المقدسِ وقال عكرمةُ وَابنُ زيدِ: التينُ دمشقُ والزيتونُ بـيتُ المقدسِ وهو اختيارُ الطبريِّ وقالَ محمدُ بنُ كعبٍ: التينُ مسجدُ أصحابِ الكهفِ والزيتونُ مسجدُ إِيْليَا وعن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهمَا: التينُ مسجدُ نوحٍ عليهِ السلامُ الذي بناهُ على الجُودِيِّ والزيتونُ مسجدُ بـيتِ المقدسِ وقالَ الضحَّاكُ: التينُ المسجدُ الحرامُ والزيتونُ المسجدُ الأَقْصى، والصحيحُ هُوَ الأولُ قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا: هو تينُكُم الذي تأكلونَ وزيتونُكم الذي تعصِرونَ منْهُ الزيتَ وبه قالَ مجاهدٌ وعكرمةُ وإبراهيمُ النخعيُّ وعطاءٌ وجابرٌ وزيدٌ ومقاتلٌ والكلبـيُّ { وَطُورِ سِينِينَ } هو الجبلُ الذي ناجَى عليهِ موسى ربَّهُ وسينينَ وسيناءُ علمانِ للموضعِ الذي هُوَ فيهِ ولذلكَ أضيفَ إليهمَا وسينونَ كبـيرونَ في جوازِ الإعرابِ بالواوِ والياءِ والإقرارِ على الياءِ وتحريكِ النونِ بالحركاتِ الإعرابـيةِ.