التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
٦
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ
٧
أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ
٨
-التين

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالَى:

{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } على الأولِ استثناءٌ متصلٌ منْ ضميرِ رردناهُ فإنَّه فِي معْنَى الجمعِ وعلى الثاني منقطعٌ أيْ لكنْ الذينَ كانُوا صالحينَ منْ الهَرْمَى { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } غيرُ منقطعٍ عَلى طاعتِهم وصبرِهم على ابتلاءِ الله تعالَى بالشيخوخةِ والهرمِ وعَلى مقاساةِ المشاقِّ والقيامِ بالعبادةِ على تخاذلِ نهوضِهم أو غيرِ ممنونٍ بهِ عليهمْ وهذِه الجملةُ على الأولِ مقررةٌ لمَا يفيدهُ الاستثناءُ منْ خروجِ المؤمنين عنْ حكمِ الردِّ ومبنيةٌ لكيفيةِ حالِهم والخطابُ في قولِه تعالَى: { فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بِٱلدّينِ } للرسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أيْ فأيُّ شيءٍ يكذبكَ دلالةً أو نطقاً بالجزاءِ بعدَ ظهورِ هذهِ الدلائلِ الناطقةِ بهِ، وقيلَ: ما بمعنَى منْ، وقيلَ: الخطابُ للإنسانِ على طريقِ الالتفاتِ لتشديدِ التوبـيخِ والتبكيتِ أيْ فَما يجعلكَ كاذباً بسببِ الدينِ وإنكارِه بعدَ هذهِ الدلائلِ والمَعنى أنَّ خلقَ الإنسانِ منْ نطفةٍ وتقويمَهُ بشراً سوياً وتحويلَهُ منْ حالٍ إلى حالٍ كمالاً ونُقصاناً من أوضحِ الدلائلِ على قُدرةِ الله عزَّ وجلَّ على البعثِ والجزاءِ فأيُّ شيءٍ يضطركَ بعدَ هَذَا الدليلِ القاطعِ إلى أنْ تكونَ كاذباً بسببِ تكذيبهِ أيُّها الإنسانُ؟

{ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ } أي أليسَ الذي فعلَ ما ذكرَ بأحكمِ الحاكمينَ صنعاً وتدبـيراً حتَّى يتوهَم عدمُ الإعادةِ والجزاءِ وحيثُ استحالَ عدمُ كونهِ أحكَمَ الحاكمينَ تعينَ الإعادةُ والجزاءُ فالجملةُ تقريرٌ لما قبلَها، وقيلَ: الحكمُ بمعْنَى القضاءِ فهي وعيدٌ للكفارِ وأنَّه يحكمُ عليهم بما يستحقونَهُ منَ العذابِ.

عن النبـيِّ صلى الله عليه وسلم: " "أنَّه كانَ إذَا قَرأها يقولُ بَلَى وأنَا عَلى ذلكَ منَ الشاهدينَ" ". وعنْهُ عليه الصلاةُ والسَّلامُ: " "مَنْ قرأ سورةَ والتينِ أعطاهُ الله تعالى الخصلتينِ العافيةَ واليقينَ ما دامَ في دار الدُّنيا وإذا ماتَ أعطاهُ الله تعالى منَ الأجرِ بعددِ منْ قرأَ هذهِ السورةَ" .