التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ
٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ
٧
-البينة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ } بـيانٌ لحالِ الفريقينِ في الآخرةِ بعد بـيانِ حالِهم في الدُّنيا، وذَكَرَ المشركينَ لئلاَّ يتوهَم اختصاصُ الحكمِ بأهلِ الكتابِ حسبَ اختصاصِ مشاهدةِ شواهدِ النبوةِ في الكتابِ بهم ومَعْنى كونِهم فيها أنَّهم بصيرونَ إليها يومَ القيامةِ، وإيرادُ الجملةِ الاسميةِ للإيذان بتحقق مضمونِها لا محالةَ أو أنَّهم فيها الآنَ إما على تنزيل ملابستِهم لما يوجبُها منزلَة ملابستِهم لها وإنَّا عَلى أنَّ ما هُم فيهِ من الكفرِ والمَعاصي عينُ النارِ إلا أنَّها ظهرتْ في هذِه النشأةِ بصورةٍ عَرَضيةٍ وستخلعُها في النشأة الآخرةِ وتظهرُ بصورتِها الحقيقيةِ كَما في قولِه تعالى: { { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَـٰفِرِينَ } [سورة التوبة، الآية 49 وسورة العنكبوت، الآية 54]في سورة الأعرافِ.

{ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } حالٌ من المستكنِّ في الخبرِ، واشتراكُ الفريقينِ في دخولِ دارِ العذابِ بطريقِ الخُلودِ لا يُنافِي تفاوتَ عذابِهم في الكيفيةِ فإنَّ جهنَم دركاتٌ وعذابَها ألوانٌ { أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إليهم باعتبارِ اتَّصافِهم بما هُم فيه من القبائحِ المذكورةِ وما فيهِ من مَعْنى البُعدِ للإشعارِ بغايةِ بُعدِ منزلتِهم في الشرِّ أي أولئكَ البعداءُ المذكورونَ { هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ } شرُّ الخليقةِ أي أعمالاً وهو الموافقُ لما سيأتِي في حقِّ المؤمنينَ فيكونُ في حيزِ التعليلِ لخلودِهم في النارِ، أو شرُّهم مقاماً ومصيراً فيكونَ تأكيداً لفظاعةِ حالِهم، وقُرِىءَ بالهمز على الأصل.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } بـيانٌ لمحاسن أحوالِ المؤمنينَ إثرَ بـيانِ سوءِ حالِ الكفرةِ جرياً على السنةِ القرآنيةِ من شفعِ الترهيبِ بالترغيبِ { أُوْلَـٰئِكَ } المنعوتونَ بَما هُو في الغايةِ القاصيةِ من الشرفِ والفضيلةِ من الإيمان والطاعة.{ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } وقُرِىءَ خيارُ البريةِ وهو جمعُ خيِّر، نحوٌ جيدٌ وجيادٌ.